أزمة جديدة خطيرة تواجه مرضى قطاع غزة، حيث يلجأ الكثيرين إلى تناول أدوية منتهية الصلاحية نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ مارس الماضي، ما فاقم من حدة الأزمة الإنسانية التي يرزح تحتها سكان القطاع.
اختفاء الأدوية في غزة
ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، أغلقت الأخيرة كافة المعابر المؤدية إلى القطاع، علاوة على أنها منعت دخول المساعدات الإنسانية بجميع أشكالها، على رأسها الأدوية والعلاجات الطبية.
ويواجه القطاع نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية منذ اندلاع الحرب، حيث لم تسمح إسرائيل سوى بدخول كميات محدودة للغاية من هذه المواد، مما تسبب في نفاد العديد من أصناف الأدوية من الصيدليات والمستشفيات.
معاناة مزمنة
وفي هذا الصدد، أكدت المواطنة خلود نصار، إنها تعاني بشدة للحصول على أدويتها الضرورية، كونها من المصابين بأمراض مزمنة، مشددة على أنها اضطرت مؤخرًا لاستخدام أدوية منتهية الصلاحية لعدم توفر بدائل صالحة للاستخدام.
وأشارت "نصار"، إلى أنها تخشى الآثار الجانبية المحتملة من استخدام هذه الأدوية، لكنها لا تملك خيارًا آخر في ظل غياب الأدوية السليمة عن الصيدليات والمراكز الطبية. وأضافت: "حتى الآن لا أشعر بأعراض واضحة، لكنني أخشى من الضرر طويل الأمد"، لافتة إلى أن أطباء نصحوها بالتقليل من تناول الأدوية المنتهية.
مخاطر صحية مؤكدة
ومن جهته، أوضح طبيب الصيدلة عمرو السويركي، أن جزءاً كبيراً من الأدوية المتوفرة حاليًا في الأسواق والمستشفيات منتهية الصلاحية، مما يشكل خطراً حقيقياً على صحة المرضى.
وشدد "السويركي"، على أن النقص الحاد في الأدوية دفع الجهات المختصة إلى السماح باستخدام الأدوية المنتهية بمدد قصيرة – كأن تكون منتهية منذ شهر أو شهرين – لكن ذلك لا يلغي المخاطر المحتملة.
وأردف "السويركي"، أن بعض الحالات قد تتعرض للموت المفاجئ في حال عدم تناولها الأدوية، ما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا، واصفًا ما تقوم به إسرائيل بجريمة إنسانية متعمدة.
كما لفت "السويركي"، إلى أن بعض الأدوية قد تكون صالحة للاستخدام لفترة قصيرة بعد انتهاء صلاحيتها، إذا لم تتغير خصائصها الفيزيائية، مثل اللون، أو شكل الشريط، أو وجود رائحة غريبة.
وأوضح "السويركي"، أن بعض الأنواع مثل المضادات الحيوية يجب عدم استخدامها مطلقًا بعد انتهاء مدتها، كونها تتعرض لتحولات كيميائية خطيرة.
نقص حاد في الأدوية
وفي السياق ذاته، أفاد القائم بأعمال مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة بغزة، زكري أبو قمر، بأن القطاع فقد حوالي 40% من الأدوية الأساسية، بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد.
وأضاف "أبو قمر"، أن 59% من المستهلكات الطبية أصبحت مفقودة، مما يعرض حياة الآلاف من المرضى للخطر، خصوصًا مع تراجع خدمات الرعاية الصحية.
ووجه "أبو قمر"، تحذير للمواطنين من تناول الأدوية المنتهية الصلاحية التي قد تشكل تهديدًا مباشرًا لحياتهم، لافتًا إلى أن الوزارة اضطرت، في بعض الحالات، إلى تمديد صلاحية بعض الأدوية بعد إخضاعها لدراسة من قبل اللجنة الفنية المختصة بجودة الأدوية.
وشدد "أبو قمر"، على أن تلك الإجراءات جاءت ضمن حالة الطوارئ المستمرة التي يشهدها القطاع، موضحًا أن بعض الأصناف مثل الهرمونات والمواد السامة لا يتم التعامل معها بهذه الطريقة.
كما أكد "أبو قمر"، على أن إسرائيل لا تزال تفرض قيودًا مشددة على إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية منذ اندلاع الحرب، ما يدفع بالقطاع الصحي نحو الانهيار الكامل.