بعد قرار توسيع الحرب.. 3 سيناريوهات أمام المقاومة لمواجهة جيش الاحتلال 

الحرب في غزة
الحرب في غزة

في ظل موافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) على خطة عسكرية جديدة لتوسيع العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، تجد المقاومة الفلسطينية نفسها أمام تحديات عسكرية متزايدة، وخيارات ميدانية وسياسية محدودة. 

ويبدو أن هذه المرحلة من المواجهة تتطلب من الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، اعتماد أساليب مرنة ومعقدة في إدارة المعركة، بما يضمن لها الاستمرار في استنزاف العدو والمحافظة على أوراق القوة المتبقية.

اقرأ أيضًا:

سيناريوهات المقاومة 

كشف مصدر مسؤول في حركة "حماس"، أن خيارات المقاومة في هذه المرحلة تتركز في ثلاث محاور أساسية، وهي:

  • الاحتفاظ بورقة الضغط المتمثلة بالمحتجزين الإسرائيليين، والتي تستخدم كأداة تفاوض قوية تمنع تل أبيب من فرض شروطها السياسية والعسكرية.
  • استنزاف القوات الإسرائيلية المتوغلة عبر عمليات نوعية مدروسة تربك تقدم الجيش وتكبده خسائر متتالية.
  • التمسك بموقف سياسي واضح يطالب بوقف الحرب بشكل نهائي ويرفض المساومات المؤقتة أو الهدن المجتزأة، التي باتت مرفوضة حتى من قبل الشارع الغزي المنهك من العدوان.

وأوضح المصدر أن الحركة تعلن استعدادها لإبداء بعض الليونة في ملفات التفاوض، لكنها تضع خطوطاً حمراء لا تقبل التنازل عنها، وهي: وقف شامل لإطلاق النار، انسحاب كامل لقوات الاحتلال من غزة، والبدء بإعادة الإعمار، وشدد على أن أي اقتراح يتجاوز هذه الثوابت يقابل برفض شعبي وفصائلي عارم.

تكتيكات مرنة

من جهته، صرح مصدر في حركة "الجهاد الإسلامي"، أن المقاومة الفلسطينية أعادت انتشار مقاتليها وذخيرتها في مواقع متعددة داخل القطاع، بناء على تقييم استخباراتي مسبق لاحتمالات التوغل الإسرائيلي المقبل. 

وأكد أن الخطط الدفاعية الجديدة تأخذ بعين الاعتبار كل السيناريوهات، خاصة مع توقع بدء المرحلة التالية من العمليات الإسرائيلية عقب انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة.

وتابع المصدر أن الأولوية في الوقت الراهن هي المحافظة على الكوادر القيادية والنوعية للمقاومة، وهذا ما يتطلب استخدام أساليب تمويه وتضليل متقدمة ضد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والدولية، التي تنشط بكثافة داخل القطاع في محاولة لرصد تحركات القادة والمقاتلين.

حرب الكمائن

من أبرز الأساليب التي تعتمدها المقاومة في هذه المرحلة ما يعرف بـ"حرب الكمائن"، حيث تتجنب الاشتباك المباشر في خطوط التماس الأولى مع الدبابات الإسرائيلية. 

وكشفت مصادر من "حماس" و"الجهاد" أن كتائب القسام لم تعد تنشر مقاتليها بأعداد كبيرة في الأنفاق أو قرب المناطق المتقدمة، وذلك تفادياً لخسائر جسيمة كما حدث في بيت حانون وبيت لاهيا في أكتوبر 2023، حين فقدت القسام عددًا كبيرًا من "المقاتلين النوعيين" بسبب الاشتباك المباشر.

لذا باتت المقاومة تشترط على مقاتليها عدم تنفيذ أي كمين دون تقليل هامش المخاطرة، والتصويب الدقيق، وتوثيق العملية بالفيديو إن أمكن، وفي حال تعذر التصوير، يطلب منهم تأجيل الكمين إلى حين توافر أدوات التوثيق اللازمة، بما يضمن توظيف العملية إعلامياً ونفسياً ضد العدو.

رفح نموذجاً

تعد مدينة رفح نموذجاً حياً على أسلوب المقاومة الجديد، فبرغم سيطرة الاحتلال عليها وإفراغها من السكان، لم تستخدم الأنفاق في تنفيذ الكمائن داخل المدينة، بل لجأت الفصائل إلى استخدام منازل مدمرة جزئيًا أو كليًا كمخابئ مؤقتة ومواقع إطلاق. 

ويتم التحرك غالباً في ساعات الليل، بعيدًا عن رصد الطائرات والمسيرات، مع إعداد مسبق لخطة انسحاب آمنة بعد تنفيذ الكمين.

ووفق هذه الخطة، يدخل المقاومون إلى رفح، ينفذون العملية، ثم ينسحبون فوراً عبر مسارات معدة سلفاً، وغالباً ما تستغرق مرحلة الإعداد أيامًا قبل التنفيذ ما يعكس مدى دقة العمل الميداني وتعقيداته.

الإغارة كخيار أخير

ورغم امتلاك المقاومة لخيارات هجومية أكثر شدة مثل عمليات "الإغارة" أو الاستشهادية، إلا أنها نادراً ما تلجأ إليها في الوقت الحالي حرصاً على كوادرها الميدانية، وتنفذ فقط في حالات الضرورة القصوى عندما تغلق بقية الخيارات.

وتدل المؤشرات الحالية على أن المقاومة الفلسطينية تسير على خيط رفيع بين الحفاظ على قدرتها العسكرية والبشرية، وبين الاستمرار في صد التوغل الإسرائيلي المتزايد، وإذا كان الجيش الإسرائيلي يسعى من خلال توسيع عملياته إلى تحديث معلوماته الاستخباراتية وتثبيت سيطرته ميدانياً، فإن المقاومة في المقابل تجيد لعبتها في الوقت والتكتيك، معتمدة على عنصر المفاجأة والمرونة التنظيمية في معركة قد تطول لأشهر قادمة.

موقع المدن