في تصعيد غير مسبوق من داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، شن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، هجومًا حادًا على السياسات التي تنتهجها حكومة بنيامين نتنياهو في حربها المستمرة على قطاع غزة، واصفًا ما يجري هناك بأنه يقترب من حدود "جريمة حرب".
حرب بلا هدف
جاءت تصريحات أولمرت خلال مقابلة صحفية أجراها مساء أمس، حيث عبّر فيها عن غضبه الشديد من النهج الذي تتبعه الحكومة الحالية، قائلاً: "هذه حرب بلا هدف، لا تحمل أي أمل في تحقيق مكاسب فعلية، ولا حتى في إنقاذ حياة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، آلاف الأبرياء من الفلسطينيين يقتلون يوميًا، ومعهم عدد كبير من الجنود الإسرائيليين يسقطون بلا جدوى، إن ما يجري أمر يثير الغضب والاستفزاز، ويعكس غيابًا تامًا للرؤية والمسؤولية".
اقرأ أيضًا:
- حماس تكشف عن آخر مستجدات مفاوضات غزة في الدوحة (تفاصيل)
- من يعطل صفقة الأسرى في غزة؟.. واشنطن: الجميع يسعى لإنهاء الحرب إلا طرف واحد
وتأتي هذه التصريحات النارية في وقت تشهد فيه إسرائيل تصاعدًا كبيرًا في الضغوط الدولية، مع دخول العدوان على غزة يومه الـ592، وسط تزايد الإدانات الدولية لسياسات نتنياهو التي وُصفت بأنها تؤدي إلى إبادة جماعية.
وبحسب إحصائيات فلسطينية، فقد أسفرت الحرب عن استشهاد وإصابة أكثر من 175 ألف مواطن فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى وجود أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض أو في ظروف مجهولة، في ظل الدمار الواسع الذي خلفته الهجمات الإسرائيلية على القطاع.
قتل الأطفال كهواية
من جهته، أدلى زعيم حزب "الديمقراطيين" يائير غولان، والذي يمثل التحالف بين حزبي العمل وميرتس، بتصريحات لا تقل حدة عن تصريحات أولمرت، حيث قال: "الدولة العاقلة لا تشن حربًا على المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تعتمد سياسة تهجير السكان كأسلوب ممنهج في الحرب، ما يحدث في غزة يعكس غيابًا كاملاً للمعايير الأخلاقية".
وفي مقابل هذه الانتقادات الداخلية الصارخة، رد وزير الهجرة والاستيعاب الإسرائيلي أوفير سوفر، بتصريح يحمل طابع السخرية والتقليل من قيمة ما قاله أولمرت، إذ قال: "إن وصف أولمرت لما تفعله إسرائيل في غزة بأنه يقترب من جرائم الحرب لا يمكن تفسيره إلا بشيء من الشيخوخة وربما الخرف السياسي، لا يمكن أخذ مثل هذه التصريحات على محمل الجد".
الجدير بالذكر أن هذه الانتقادات العلنية من مسؤولين كبار سابقين وحاليين تعكس انقسامًا حادًا داخل النخبة السياسية الإسرائيلية بشأن استمرار الحرب على غزة، في ظل تعثر الأهداف المعلنة للعملية العسكرية، وتزايد الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي، فضلًا عن تفاقم العزلة الدولية التي باتت تلاحق الحكومة الإسرائيلية بسبب تصاعد الاتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتسع فيه مطالبات جهات دولية وأممية بوقف فوري لإطلاق النار، وفتح تحقيقات حول الجرائم المحتملة المرتكبة ضد المدنيين في غزة، ما يعزز من حالة التوتر السياسي داخل إسرائيل ويفتح الباب أمام تصدعات أعمق قد تؤثر على مستقبل حكومة نتنياهو السياسي.