البوابة 24

البوابة 24

غير معقول!

ميسون كحيل
ميسون كحيل

ميسون كحيل

أخر شيء غير متوقع في الوطن، كان في انحدار المجتمع الفلسطيني إلى ما يشبه الدولة البوليسية! ولم يخطر على البال ذات يوم أن يحذرك الآخرين من قول ما تريد بشكل علني وأمام الناس! والغرابة في الموضوع أن يقوم أحد اصدقائك وأثناء الجلوس معك ومع عدد من المواطنين بتحذيرك ممن حولك، بحيث يمكن أن يكتب أحدهم بك وعنك ما تقول لبعض الجهات الأمنية، خاصة إذا كان قولك ليس مديحاً أو ثناءً بحق الحكم! وهذا يذكرني بعدد من الدول القمعية التي كانت تمارس الإجراءات القمعية الصارمة في مجتمعاتها، وتتحكم في الحياة السياسية وفي خط سيرها بشكل ديكتاتوري، وبغطاء ديمقراطي وهمي!

ولا بد هنا أن نؤكد بأن الدولة في الوضع الطبيعي يجب أن تسعى إلى تثبيت حالة الاستقرار في المجتمع؛ من خلال توفر الطمأنينة والأمن بعيداً عن سياسة الحديد والنار لكي تخضع الشعب بالخوف والحذر وفي الابتعاد عن كل ما هو محظور بالنسبة لهم، بدلاً من الحرص على توفير إحساس المواطن العادي بالانتماء والمسؤولية المشتركة. يقال بأن بين كل خمسة مواطنين هناك مواطن واحد منهم فقط غير مرتبط مع أي جهاز أمني!!

ورغم أن المواطن هو جوهر المجتمع إلا أن هذا النهج والإجراءات والاحتواء يمكن أن يفقد المواطن لدوره الحقيقي في بناء صحي للمجتمع، ويساهم في تحويله إلى مجتمع بوليسي، ويتبع إلى جهات محددة، خرجت عن أصول عملها ودورها في خدمة المواطنين وحفظ النظام ليتحول إلى بث الخوف وتكميم الأفواه! ولا شك أن من حق كل مواطن التعبير عن رأيه بحرية مطلقة، وممارسة النقد (بعيداً عن السب والشتم).

وعلى سبيل المثال، فالرئيس قبل أن يصبح رئيس هو مواطن، ومن حق أي مواطن آخر أن ينتقده إذا ما شعر بأن هناك خطأ في الأداء، ولا يجوز لا بل مرفوض أن يتم اعتقال أي مواطن بناءً على ما عبر عنه قولاً أو رأياً أو انتقاداً لأي مسؤول في الوطن، إذ لا نعيش في غابة يأكل القوي فيها الضعيف. فالوزراء والمسؤولين الكبار، ورؤساء الأجهزة مواطنون أيضاً وليسوا أنبياء، ومن حق المواطن العادي أن يقدم رأيه فيهم من خلال أداءهم ودورهم دون حواجز الرعب، والخوف والتهديد بالاعتقال! 


في الفترة الأخيرة، استمعت لعدد من المواطنين، ووجدت في عيونهم الخوف من النهج الأمني الجديد في المجتمع الفلسطيني، وفي لسانهم تكرار لعبارة الدولة البوليسية! وسطوة الأجهزة الأمنية وديكتاتورية الإجراءات ونشر ثقافة الحذر والرعب بتنظيم رقابة المواطنين على أنفسهم، وتجنيد العدد الأكبر منهم بهدف تحويل المواطنين لأصنام بلا رأي أو لسان! وتحويل المجتمع إلى حالة عنوانها عليكم بالحيطة والحذر، وممنوع الحديث في السياسة إلا بالموافقة، وممنوع الحديث عن الحكم إلا في المدح! وهذا يعني أننا اقتربنا حقاً إن لم نكن قد وصلنا فعلاً إلى شكل من أشكال الدولة البوليسية، وهذا غير مقبول وغير معقول!

كاتم الصوت: حتى على أنفسهم وفي داخل حجرهم يتربصون لبعضهم ويمارسون ذات النهج في المجتمع!

كلام في سرك: مرت فترة طويلة، وجوه لا تزال على رأس عملها تجاوزاً للقانون الداخلي والنظام!

رسالة: كاميرات، ميكروفونات، بائع بسطة، سائق اجرة، جارك، قريبك، زميلك في العمل (مجتمع غير صحي) أحتفظ بالأسماء.

البوابة 24