حماس إلى أين وهل من استفاقة بعد 600 يوم من الحرب؟

بقلم: صلاح سكيك

بات واضحًا أن حركة حماس تلعب في شوطها الأخير رغم تمسكها ببصيص أمل يعيدها الى المشهد السياسي الفلسطيني على الأقل حتى إن لم تستطع العودة إلى تاريخ ما قبل السابع من أكتوبر 2023.

واالحقيقة أن شعبية حماس في الوقت الراهن في انحدار واضح بين أوساط الغزيين، لا سيما فئة الشباب، ولمن لا يعرف من هم الشباب؛ هم المتسولون، وهم من اضطروا بقوة القصف الإسرائيلي لعدم استكمال تعاليمهم الثانوية والجامعية، في مخطط تجهيلي لجيل كامل.

هم أيضًا الذين كانوا يعتبرون حماس صاحبة المشروع النهضوي والتحريري، هم أولئك الذين ربطوا أمعائهم كي لا يشعرون بالجوع وفشلوا، هم الذين حملوا السلاح ليس لمواجهة العدو؛ وإنما للحصول على كيس دقيق من مخزن أممي. 

دعاية حماس لم تعد براقة ومؤثرة كما كانت في السابق، حتى أن خروج أي مسؤول في الحركة في أي وسيلة إعلامية لا يلقى زخمًا كبيرًا لدى المواطن الغزي، فالخطابات واضحة ومكررة والألفاظ منذ تسعينيات القرن الماضي لم تتغير، وكأن الكلاسيكية الحمساوية ترفض أن تمس، على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين في دول الإقليم جددت من خطاباتها السياسية لتتوافق مع طبيعة المرحلة.

الحقيقة أنه عندما قامت حماس بإعلان وثيقتها السياسية في العام 2017 ظنت الحركة آنذاك أنها تستطيع طرق الأبواب الدولية بوثيقة صغيرة، ولكن ما إن لبثت حتى اقترفت قياداتها أخطاء دبلوماسية وسياسية ولربما تاريخية في تصريحات أعادت الحركة إلى عصر ما قبل الوثيقة.

حماس في الوقت الراهن تحتاج لقائد مجدد، وليس شعارات غير واقعية، فزمن خالد مشعل، وخليل الحية، وموسى أبو مرزوق انتهى، والتجديد الآن في الخطاب والأسلوب مطلوب، ولا بد من وقفة جادة ليس فقط للملمة الأوراق؛ بل لمخاطبة الوعي الفلسطيني، وهذا يطلب ليس فقط من حماس بل وحتى فتح، والفصائل الأخرى.

في السابق عندما كان يخرج ياسر عرفات أو صائب عريقات أو أي مسؤول فلسطيني ليتحدث عن مفاوضات مع حكومة الاحتلال تخرج قيادات حماس للتهكم والسخرية والتخوين، ويسمون المفاوضين بالمفرطين، حتى أتى هؤلاء المفرطين بنواة دولة فلسطينية، لكن ماذا فعلت حماس طوال 600 من المفاوضات؟، الإجابة لا تحتاج للتأويل، حماس تركت الغزيين في الحرب والقتل والجوع والإبادة، وتركت اللصوص وقطاع الطرق والتجار ينهشون أمعاء وأموال الناس، ودمرت حلم من تسميهم المفرطين الذين كانوا يشكلون نواة الدولة.

حماس تعلم أنها فشلت في كل مراحل المفاوضات، وحتى عندما كانت تقبل بمقترح ما، يسارع نتنياهو لرفضه؛ ليحصل على ثمن أكبر، وهذا يحدث بشكل متكرر وفي كل جولة.

قيادة الحركة لربما ظنت أنها تقاربت مع إدارة ترامب بعد جولات المفاوضات المتواصلة في الدوحة والتي أصبحت مباشرة ووجهًا لوجه، بعد أن كانت غير مباشرة في معظم فترات تاريخ الحركة، فبرأيي هذا ليس انجازًا، فكل طفل بغزة يعلم أن ترامب وإدارته يعملون لصالح إسرائيل، ويحصلون من حماس على أي أثمان حتى يحقق نتنياهو ما يريده من هذه الحرب وهو الإنتصار المطلق.

وقبل السلام، حماس خسرت كل شيء في طوفانها، خسرت غزة، وخسرت الطموح، وخسرت الشباب، وخسرت الحكم والحكومة، وخسرت الناس، وخسرت المنظمة، وخسرت المقاومة، وخسرة قياداتها، وخسرت سلاحها، حتى أنها خسرت كل داعميها الإقليمين من إيران إلى حزب الله وبشار الأسد، بل وأخسرتهم معها؛ فالشريك "الخردة" أخسر وخسره.

البوابة 24