غياب "الفوط الصحية".. امرأة في "غزة" يعني "النزف" مرّتين!

غياب "الفوط الصحية".. امرأة في "غزة" يعني "النزف" مرّتين!
غياب "الفوط الصحية".. امرأة في "غزة" يعني "النزف" مرّتين!

غزة/ البوابة 24- ريم سويسي:

على استحياء، تحاول هديل (18 عامًا) استعادة اتزان تفكيرها، بعد اضطرابٍ شديدٍ أصابه، وانتبه لك كل الجالسين في خيمة العائلة، المقامة في أحد مخيمات النزوح وسط قطاع غزة.

وقفت، وهرولت نحو الحمام بعد أن فوجئت بالدورة الشهرية تزورها على غير ميعاد. نادت أمها وبكت، فهي تعي تمامًا أن مأساةً كبيرة ستعيشها هذا الشهر أيضًا، في ظل غياب الفوط الصحية، وانقطاعها من الأسواق.

تحاول أمها تهدئتها بغلي بعض أوراق الميرمية، بينما تنظر إلى بناتها الأربع الباقيات. كلهن كبيرات، ويحتجن كل شهر إلى خمس أكياس من الفوط الصحية، بينما لا هي تستطيع توفير ثمنها كونها بلا معيل منذ استشهاد زوجها أول أيام الإبادة، ولا الفوط أصلًا متوفرة في الأسواق.

إذن ماذا تستخدم هديل؟ تجيبنا الأم بحرقة، بينما تراقب ابنتها بعيونٍ قلقة: "تستخدم قصاصات من الأقمشة، التي أدبرها لها بطلوع الروح".

وتكمل حديثها بقهر: "لا خيار آخر لدينا فأنا كأم بالكاد أستطيع توفير الطعام والشراب لعائلتي"، بينما لا تخفي الأم أبدًا خوفها على صحة بناتها من هذا البديل، "الذي صار محدودًا أيضًا، الأمر الذي اضطر الفتيات لغسله وتعقيمه كل مرة بدلًا من رميه" تخبرنا.

حبوب إيقاف الدورة

لا يختلف الحال مع السيدة ثريا (44 عامًا)، التي كانت في إحدى صيدليات شمال القطاع، تسأل عن حبوب لوقف الدورة الشهرية أو تأخيرها.

وتضيف: "زوجي لا يعمل، وأسعار الفوط مرتفعة، لذلك وجدت هذا حلًا مناسبًا".

يتدخل الصيدلاني تامر زقوت ويقول: "هذا الحال يا للأسف له مخاطر وآثار جانبية يمكن أن تكون صعبة"، في حين تعود السيدة للتفكير قليلًا، ثم ترد: "سعرها لا يُذكر أمام سعر الفوط الصحية، سآخذها والله الحامي".

وبينما وضع المواطن "سعيد" الخجل جانبًا، ونادى من أسماهم "أهل الخير" عبر صفحته الشخصية في "فيس بوك" كي يتبرعوا لزوجته بفوط صحية، نتيجة معاناتها الشديدة في كل شهر، جراء انقطاع الفوط، وغلو سعر المتوفر منها في أسواق غزة، أثار منشوره عاصفة.

قال أحدهم: "مش لهدرجة.. لا يجب أن يصل الموضوع حد التبرع"، ليرد آخرون: "بل على العكس. هذه مأساة تمر بها كل نسائنا، وخجلنا فقط هو من يمنعنا عن طلب المساعدة بخصوصها".

أحد التعليقات، وكانت لشاب يُدعى "راكان" قال: "معه حق"، بينما رد آخر: "لا نستطيع توفير الطعام حتى نوفّر فوطًا صحية".

اقرأ ايضاً:

-"الدورة الشهرية" وسط المجاعة.. لا علاقة لـ"الفوط الصحية"!

كارثة صحية

ويتحدث الصيدلاني زقوت عن إقبال نساء على استعمال حبوب الحمل، وغيرها من الحبوب التي تساعد على تأخير نزول الدورة الشهرية، ويقول: "لها مضاعفات وأعراض صحية كبيرة، مثل حدوث آلام في الصدر وتجلطات دموية وصداع ودوران، بالإضافة إلى تغيرات في النزيف أثناء الدورة وزيادة الوزن، ناهيكم عن احتباس السوائل والانتفاخ والاكتئاب والأرق واضطرابات في وظائف الكبد".

أما فيما يتعلق باستخدام الأقمشة بدل الفوط الصحية، فأوضح أن "ذلك قد يؤدي إلى مشاكل صحية والتهابات في الرحم، بالإضافة إلى فطريات في المثانة".

وتوافقه الرأي طبيبة النساء والتوليد د.سعاد أبو لبن، حيث تؤكد أن استخدام الأقمشة عوضًا عن الفوط الصحية، أو أي بدائل أخرى، قد يؤدي إلى التهابات من شأنها أن تتحول إلى أمراض مزمنة منها التهاب الكبد والعقم وسرطان الرحم، ناهيكم عن الأمراض المنقولة جنسيًا ومرض القلاع ومتلازمة الصدمة التسممية"، مشيرةً إلى أن عدم تغيير الفوط كل 4 ساعات يؤدي إلى العدوى والتعفّن البكتيري الذي يصل إلى الجهاز التناسلي والبولي.

تحذيرات دولية

ويشار إلى أن غزة بحاجة شهريًا إلى 10.3 مليون فوطة صحية، ولكن بعد ثلاثة أشهر من الحصار الإسرائيلي الشامل للمساعدات منذ فبراير/شباط الماضي، وبعد انتهاء الهدنة الهشة، أصبحت لوازم النظافة الشخصية والدورة الشهرية شبه معدومة، وإذا أمكن العثور عليها فإن تكلفتها تبلغ حوالي خمسة أضعاف تكلفتها قبل الحرب، مما يجعلها بعيدة المنال لمعظم الأسر.

في غزة أصبحت الدورة الشهرية "كابوسًا" لأكثر من 700 ألف امرأة وفتاة، تعيش فترة الدورة الشهرية بمعاناة متفاقمة، بدون فوط صحية أو مياه أو مراحيض.

وكان تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، حذر في أواخر تشرين أول/ أكتوبر الماضي، من تداعيات الحصار الإسرائيلي على غزة، وتأثيره على حقوق المرأة وخاصة فيما يتعلق بفترة الحيض، "فعدم تحقيق النظافة أثناء فترة الدورة الشهرية وعدم تلبية ضروريات هذه الحالة قد يؤديان إلى التهاب الكبد ب والتهابات المهبل الفطري".

البوابة 24