في تطور نوعي وخطير يعكس تصعيدًا غير مسبوق في المواجهة بين إسرائيل وإيران، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ هجمات جوية ليلية استهدفت موقعين نوويين إيرانيين يشتبه باستخدامهما في تطوير برامج الأسلحة النووية.
وطالت هذه الضربات طالت على وجه التحديد مفاعل آراك للماء الثقيل وموقع نطنز النووي، في خطوة اعتبرها مراقبون رسالة مباشرة إلى طهران بأن خطوطها الحمراء النووية لم تعد محصّنة.
بيان الجيش الإسرائيلي
في بيان رسمي صدر فجر الخميس، أكد الجيش الإسرائيلي أنه شن غارات جوية استهدفت موقعين نوويين يستخدمان في تطوير الأسلحة النووية داخل إيران، موضحًا أن إحدى الضربات طالت مفاعل آراك للماء الثقيل، بينما استهدفت الأخرى منشأة نطنز، التي تعد من أبرز المواقع الإيرانية الخاصة بتخصيب اليورانيوم.
وأشار الجيش إلى أن الهجوم تم تنفيذه بدقة، واستند إلى معلومات استخباراتية تؤكد أن الموقعين يستخدمان في أنشطة نووية مشبوهة تتجاوز الاستخدام المدني، ما يجعل استهدافهما جزءًا من حماية الأمن الإقليمي والدولي.
تأكيد إيراني للهجوم
من جانبها، أكدت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، وعلى رأسها التلفزيون الإيراني، أن مفاعل آراك تعرض بالفعل لهجوم جوي إسرائيلي، وأفادت التقارير بأن الغارات تسببت بأضرار جزئية في المنشأة، دون أن تقدم طهران حتى الآن حصيلة دقيقة للأضرار أو الإصابات.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أصدر تحذيرًا قبيل تنفيذ الهجوم، طالب فيه المدنيين بإخلاء المناطق القريبة من مفاعل آراك، الواقع على بعد نحو 250 كيلومترًا جنوب غربي العاصمة طهران، في محاولة لتقليل الخسائر البشرية وتفادي كارثة إشعاعية محتملة.
لماذا مفاعل آراك يمثل مصدر قلق؟
مفاعل آراك، الذي يعمل باستخدام الماء الثقيل، يعد من أبرز المرافق النووية الحساسة في إيران، ويستخدم هذا النوع من المفاعلات في تبريد النواة النووية، لكنه ينتج كمنتج جانبي مادة البلوتونيوم، وهي مادة قابلة للاستخدام في إنتاج الأسلحة النووية.
ووفقًا لمراقبين، فإن القدرة على إنتاج البلوتونيوم تمنح إيران مسارًا بديلًا لصناعة القنبلة النووية، إلى جانب مسار تخصيب اليورانيوم، وهذا ما يثير مخاوف المجتمع الدولي، لا سيما في ظل الغموض الذي يلف برنامج طهران النووي منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
مفاعل نطنز
أما منشأة نطنز، فهي واحدة من أهم مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، وتضم الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وقد تعرضت المنشأة في السنوات الأخيرة لعدة هجمات سيبرانية وانفجارات غامضة، نسبت إلى إسرائيل.
وينظر إلى نطنز على أنها العقل التشغيلي للبرنامج النووي الإيراني، مما يجعل استهدافها رسالة مباشرة من إسرائيل بأنها لن تسمح ببلوغ إيران العتبة النووية، حتى لو استدعى الأمر التدخل العسكري المباشر.
اتفاق 2015
تجدر الإشارة إلى أن إيران كانت قد وافقت، بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى الكبرى، على إعادة تصميم مفاعل آراك بهدف تقليل كمية البلوتونيوم المنتجة وتقليص فرص استخدامها عسكريًا، وبالفعل توقفت أعمال التطوير في المفاعل لفترة.
غير أن التطورات المتسارعة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، دفعت إيران في عام 2019 إلى تشغيل الدائرة الثانوية للمفاعل، في خطوة أثارت حفيظة الغرب، لكنها لم تعتبر في ذلك الوقت خرقًا مباشرًا للاتفاق.