في تقرير خاص بثته القناة 12 العبرية، كشف عن تصاعد خلافات حادة داخل حركة حماس بين قياداتها المتبقية في الداخل وقيادات الخارج، في ظل حالة غير مسبوقة من الارتباك التنظيمي والانقسام في الرؤى حول مستقبل الحركة ومسار الحرب في غزة.
يأتي ذلك بعد أن تعرضت حماس لخسائر كبيرة في صفوف قادتها نتيجة العمليات العسكرية المتواصلة، ما خلق فراغًا قياديًا واضحًا وأثار نقاشات مصيرية بشأن خيارات الحركة في المرحلة المقبلة.
صراع داخلي حول المصير
ووفقًا للمحلل السياسي الإسرائيلي إيهود يعاري، فإن قيادة حماس تخوض حاليًا نقاشات داخلية مكثفة وحادة حول مستقبل الحركة، وتتركز الخلافات حول استمرار القتال في قطاع غزة مقابل خيار التوجه نحو تسوية تنهي الحرب، في ظل ضغوط داخلية وخارجية متزايدة.
كما تثير قضية ترحيل قيادات الداخل إلى الخارج جدلاً واسعًا، ما يعكس حجم الهوة بين من بقي في غزة ويعيش تحت وطأة القصف اليومي، وبين القيادات السياسية في الخارج التي تتحرك بحرية في العواصم الإقليمية والدولية.
شلل تنظيمي وتراجع في مركزية القرار
ويشير التقرير إلى أن حماس باتت تدار حاليًا وفق نظام جماعي غير مركزي لكنه يوصف بأنه مجزأ ومحدود الصلاحيات، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى وصف الوضع داخل الحركة بأنه "قيادة بلا قيادة"، وتشير هذه الحالة إلى فقدان الانسجام بين الأجنحة المختلفة للحركة، وغياب رؤية موحدة يمكن أن تقودها للخروج من المأزق الحالي.
ويطرح السؤال الرئيسي نفسه بقوة داخل أروقة القيادة: "إلى أين نتجه؟"، وسط تشكيك داخلي في قدرة حماس على الاستمرار في الحرب من دون غطاء سياسي أو تحالفات إقليمية داعمة، وفي ظل ما يوصف بـ"الانكشاف الكامل" للقطاع عسكريًا وإنسانيًا.
سيناريوهات متعددة
ضمن هذه الفوضى، تتداول قيادة حماس عدة سيناريوهات حول المسار السياسي والعسكري للحركة، ومن أبرز هذه السيناريوهات المطروحة:
الإصرار على صفقة تبادل رهائن مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي، مع الإبقاء على هيكل الحركة العسكري في غزة.
أو التوجه نحو مراجعة شاملة للموقف السياسي والتنظيمي، قد تفضي إلى قبول دور محدود في حكومة ائتلافية مستقبلية تدير غزة.
واحدة من الأفكار المثيرة للجدل داخل الحركة، بحسب التقرير، هي تفكيك الجناح العسكري مقابل دمج عناصر من حماس في قوة أمنية جديدة تشارك في إدارة القطاع وإعادة إعماره، في صيغة مشابهة لنموذج حزب الله في لبنان.
انهيار مجتمعي متسارع وفقدان للسيطرة
في هذا السياق، أدلى الدكتور محمد المدهون، أحد كبار مسؤولي الحركة، بتصريحات صادمة تعكس الواقع الميداني المنهار داخل قطاع غزة مؤكدًا أن المجتمع الغزي يعيش حالة من التفكك التام.
وأوضح المدهون، أن الوضع في غزة خرج عن السيطرة مع ارتفاع ملحوظ في معدلات الجريمة والنهب والعنف العائلي وسط غياب واضح للأمن والسلطة، واتهم المدهون الجيش الإسرائيلي بتغذية هذه الفوضى من خلال عمليات عسكرية موجهة وممنهجة تستهدف بنية المجتمع الفلسطيني، لكنه في الوقت ذاته اعترف أن حماس لا تعرف حتى الآن كيف تتعامل مع هذا الواقع المعقد.
ودعا المدهون إلى تشكيل لجنة من رؤساء البلديات وشخصيات اجتماعية بارزة لمحاولة احتواء هذا الانهيار الداخلي، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من النسيج المجتمعي.
رفض صريح لفكرة تسليم القطاع
ورغم ما يمر به القطاع من انهيار أمني وتنظيمي، شدد تقرير القناة العبرية على أن أيًّا من قيادات حماس لم يطرح حتى اللحظة خيار تسليم غزة لأي جهة أخرى، سواء كانت السلطة الفلسطينية أو جهات دولية، وهو ما يعكس تمسكًا شديدًا بالسلطة من جهة، وتخوفًا من فقدان السيطرة الكاملة من جهة أخرى.