كشف موقع Ynet العبري أن الهيئة الطبية في الجيش الإسرائيلي عقدت جلسة طارئة لبحث تداعيات ارتفاع معدلات الانتحار بين الجنود، في ظل استمرار الحرب متعددة الجبهات، والتقارير المتزايدة عن أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة النفسية بين الجنود المشاركين في المعارك.
ويأتي هذا التحرك في أعقاب ثلاث حالات انتحار خلال أسبوعين فقط، ما أثار القلق داخل المؤسسة العسكرية ودفعها لإطلاق مراجعة شاملة للسياسات النفسية المتبعة.
محادثات مباشرة مع الجنود
أفاد التقرير أن الجيش بدأ في تبني نهج جديد أكثر تفاعلية، يقوم على إجراء محادثات مباشرة مع الجنود الميدانيين، وإلزام القادة برصد ما أسماه التقرير بـ"علامات الضيق النفسي".
كما قررت القيادة العسكرية عقد لقاءات قيادية ميدانية يشارك فيها ضباط من مستويات رفيعة لتقييم الحالة المعنوية والنفسية للمقاتلين، إلى جانب الزيارات الميدانية المنتظمة لقادة السرايا في مناطق العمليات، وخاصة داخل قطاع غزة.
تكتم رسمي على أعداد المنتحرين
رغم تفاقم الظاهرة، لم يعلن الجيش عدد حالات الانتحار رسميًا منذ بداية العام، كما لم يغير سياسته في التعامل مع هذه الحوادث إعلاميًا.
لكن الفيلق الطبي قرر تعزيز منظومة الكشف المبكر عن الأعراض النفسية، من خلال توسيع برامج الدعم النفسي داخل وحدات الجيش، بما في ذلك زيادة ميزانية مراكز العلاج النفسي التي أُنشئت مؤخرًا، ومراجعة برامج التأهيل النفسي بعد كل جولة قتال.
بيان رسمي
وفي بيان رسمي، وصف الجيش الإسرائيلي الحرب الحالية بأنها "طويلة وفريدة من نوعها"، بدأت بشكل مفاجئ وامتدت إلى جبهات متعددة، منها غزة ولبنان، ومؤخرًا الجبهة الداخلية التي طالت عائلات الجنود أنفسهم.
وجاء في البيان: "نعمل على تعزيز مراكز الدعم النفسي، ونعيد تقييم برامج العلاج النفسي لضمان فعاليتها وعدم تحولها إلى مجرد إجراءات شكلية، فالحرب الحالية وضعت الجنود في تجارب ميدانية غير مسبوقة، تتطلب استجابة نفسية نوعية".
صدمة الهوية
لفت التقرير إلى ملاحظة الجيش خلال الأشهر الأخيرة لتزايد عدد الجنود الذين يعانون من ما يعرف بـ"صدمة الهوية"، وهي حالة تنشأ عندما تتناقض التجربة القتالية القاسية مع منظومة القيم الشخصية للجنود.
وقد طور قسم الصحة النفسية في الجيش أسلوبًا علاجيًا جديدًا للتعامل مع هذه الظاهرة، يتضمن جلسات علاج جماعي موجهة خصيصًا لهؤلاء المقاتلين.
1500 جندي تلقوا العلاج النفسي
بحسب تصريحات لمختصين نفسيين داخل الجيش، فإن عدد الجنود الذين تلقوا علاجًا نفسيًا منذ بداية الحرب تجاوز 1500 جندي ظهرت عليهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
لكن المختصين أكدوا أن الغالبية العظمى من الجنود ما زالوا يتمتعون بمرونة نفسية عالية، وأن الوضع لا يُشير حتى الآن إلى موجة اضطراب غير طبيعية.
وأشار التقرير إلى أن عددًا قليلاً فقط من هؤلاء الجنود حصل على إذن استثنائي للعودة إلى ساحة القتال بعد تقييم طبي دقيق وتحت إشراف مهني صارم.
نقص المقاتلين يزيد الضغط
مع استمرار العمليات القتالية لعدة أشهر متواصلة، ووسط نقص في أعداد المقاتلين المؤهلين، تزايدت شكاوى الجنود من الإجهاد النفسي والتعب المتراكم نتيجة ضغط المهمات، وطول فترات التمركز في جبهات قتالية مفتوحة.
هذا الوضع، بحسب التقرير، فاقم الشعور بالعزلة والإرهاق وفقدان السيطرة النفسية، لا سيما في ظل ظروف ميدانية غير مستقرة، وتهديدات متكررة تطال الجبهة الداخلية.