كشفت صحيفة معاريف العبرية عن تصاعد أزمة غير مسبوقة داخل الجيش الإسرائيلي، تتجلى في نقص خطير يقدر بـ 300 ضابط في مواقع قيادة الفصائل ضمن القوات البرية، إلى جانب أزمة مركبة تضرب سلاح الهندسة القتالية، حيث يواجه الجيش صعوبة متزايدة في إقناع المجندين المميزين بالانضمام إلى دورات إعداد الضباط، ما دفعه إلى اتخاذ خطوات اضطرارية أبرزها تكليف رقباء ميدانيين قدامى بقيادة الفصائل بشكل مؤقت.
وفي إطار معالجة هذا الخلل، لجأ الجيش إلى تعيين ضباط في مناصب قادة سرايا في كل من الوحدات النظامية ووحدات الاحتياط، بالرغم من عدم خضوعهم مسبقًا لدورات التأهيل المخصصة لهذه الرتب، في مؤشر واضح على اتساع الفجوة التدريبية والتنظيمية داخل التشكيلات القتالية.
استنزاف خطير
للمرة الأولى، يعترف الجيش الإسرائيلي رسميًا بأن حجم القوى البشرية بات غير كافي مقارنة بما يطلب منه ميدانيًا، وتشير التقديرات العسكرية إلى عجز يقدر بنحو 7500 مقاتل، بالإضافة إلى نقص يقدر بـ 2500 عنصر في مجال الدعم القتالي، ويأتي هذا التراجع كنتيجة مباشرة لتوسع واسع في تشكيلات القوات القتالية، خاصة بعد اندلاع الحرب الأخيرة.
فعلى سبيل المثال، ارتفعت أعداد القوات في سلاح المدرعات بنسبة تتجاوز 30%، كما تضاعف عدد المجندين في سلاح الهندسة القتالية، وتم تشكيل فصائل مشاة جديدة، كما أنشأ الجيش الإسرائيلي ما سمي بـ"الفرقة الشرقية"، وعمل على تعزيز تشكيلاته على الجبهة الشمالية، مما زاد الحاجة إلى كوادر قيادية جديدة لمواكبة هذا الاتساع.
خسائر كبيرة
وفقًا لما أوردته الصحيفة، فقد قتل عدد كبير من القادة والضباط خلال المعارك، وأصيب المئات، من بينهم من لم يتمكن من إكمال تدريبه القتالي ولم يعد إلى مهامه، وهذا الواقع دفع المؤسسة العسكرية إلى افتتاح كتيبة جديدة مخصصة لتأهيل ضباط الاحتياط في إحدى القواعد العسكرية، حيث أنهت حتى الآن دورتين تدريبيتين، بينما تجرى حاليًا الدورة الثالثة في انتظار إطلاق دورة رابعة خلال أسابيع قليلة.
وتهدف هذه الخطوات المتسارعة إلى سد النقص الصارخ في المناصب القيادية على المدى القريب، دون أن تكون بالضرورة حلًا جذريًا لمشكلة الاستنزاف المزمن.
الضغط النفسي والأسري
تحدث قادة في الوحدات النظامية والاحتياط عن ضغوط هائلة يعيشونها نتيجة طول مدة الخدمة والمهام المتكررة، إذ يقضي كثير منهم فترات طويلة بعيدًا عن عائلاتهم، وذكر عدد من الضباط نيتهم الانتقال إلى مهام غير قتالية، مثل الوظائف الدبلوماسية أو التدريبية، لتخفيف الأعباء التي أثّرت بشكل مباشر على حياتهم الأسرية والمهنية.
وقال أحد قادة كتائب الاحتياط: "هذا الدور يستنزفنا نفسيًا واجتماعيًا، وعائلاتنا تدفع الثمن، في حالتي، فقدت فرصة في وظيفة إدارية مرموقة بسبب غيابي الطويل للخدمة، لا أرى نفسي قادرًا على الاستمرار في هذا الوضع بعد أربع سنوات أخرى".
وأكدت مصادر في الاحتياط أن بعض القادة خدموا ما بين 400 و450 يومًا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر، ما فاقم من الضغوط الشخصية ودفع العديد منهم إلى الإعلان عن رغبتهم في ترك المناصب القيادية والانتقال إلى مواقع في هيئة الأركان أو مجالات التدريب.
المتحدث العسكري يقر بالأزمة
من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن قادة الفصائل في القوات البرية هم العمود الفقري للمعارك، مشيرًا إلى أن النقص لا يشمل الوحدات النظامية بل يتركز في وحدات الاحتياط، وهي أزمة متجذرة تعود إلى ما قبل اندلاع الحرب الأخيرة.
وأضاف أن الجيش يعمل حاليًا على تقليص فجوات التدريب وتكثيف التأهيل من خلال برامج مخصصة لضباط الاحتياط، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تتسارع منذ بداية الحرب، في محاولة لإعادة التوازن التنظيمي والتشغيلي داخل الجيش الإسرائيلي.