كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، صباح الأربعاء، تفاصيل تتعلق بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن احتلال قطاع غزة، وسط تساؤلات جدية حول جدوى التنفيذ ومآلاته.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "هآرتس" العبرية، فأن حالة الجمود الطويل داخل غزة تبرز معياراً عملياً يمكن من خلاله قياس مدى جدية نتنياهو في المضي قدماً في خطته، وهو: السيطرة على ما تبقى من أراضي القطاع، والمناورة داخل مناطق مكتظة بنحو مليوني فلسطيني، وهو ما يتطلب، بحسب لغة الجيش، تعزيزاً ملموساً للقوات على الأرض.
عجز في القوات وتآكل في القدرات
ولفتت "الصحيفة"، إلى أنه من غير المرجح أن تكون الوحدات النظامية الحالية كافية لتنفيذ الخطة، خاصة بعد أن تم سحب العديد منها من القطاع مؤخراً بناءً على قرار رئيس الأركان، إيال زامير، الذي أراد منح الجنود فترة من الراحة.
وبحسب ما ورد، فإن الأمر يستدعي إطلاق حملة تجنيد احتياط جديدة، وهو ما يتعارض مع الخطط المعلنة سابقاً.
وفي السياق ذاته، أوضحت "الصحيفة"، أن نقل هذه القوات إلى غزة قد يستغرق أسبوعين على الأقل، بينما تقدر مدة السيطرة الكاملة على المناطق المتبقية وتطهيرها من المسلحين بسنة إلى سنتين، حسب التقديرات العسكرية.
أزمة قيادة وصراع اتهامات
وعلى الرغم من غياب أي تحرك ميداني فعلي أو تغير واضح في الواقع، لا تزال الشكوك تحوم حول مدى نية تنفيذ الاحتلال الكامل، وأشارت "هآرتس" إلى أن نتنياهو يوجه الأنظار نحو رئيس الأركان زامير كمذنب محتمل في حال فشل الخطة، في وقت لم يحقق فيه الائتلاف وعوده بتحقيق "نصر مطلق".
كما أردفت "الصحيفة"، أن زامير يعارض خطة الاحتلال الكامل منذ أكثر من شهر، ليس فقط خشية على حياة الأسرى والجنود، أو خوفاً من تداعيات دولية، بل لأنه يسلط الضوء على واقع عملياتي مقلق: الجيش يمر بأزمة تآكل حادة في قدراته القتالية.
وشددت "الصحيفة"، على أن الجيش الإسرائيلي يعاني في تأمين القوى البشرية اللازمة للعملية، وسط انخفاض حاد في التزام جنود الاحتياط وتراجع ملحوظ في دافعية الجنود النظاميين.
الأسرى في مرمى الخطر
ومن جهتها، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "لأول مرة منذ 7 أكتوبر، أصبح المس بالأسرى خياراً واقعياً"، مؤكدة أن الجميع يدرك أن قرار احتلال غزة يعني بشكل مباشر تعريض حياة الأسرى للموت، وهو موضوع كان محظوراً النقاش فيه حتى قبل عامين، لكنه بات اليوم مطروحاً على الطاولة.
كما أشارت "الصحيفة"، إلى معاناة الأسرى الذين نجوا بأعجوبة وسط الجحيم والجوع والتعذيب، وأصبحوا بنظر البعض "ضحايا مقبولين"، في إشارة إلى تراجع الأولوية التي يحظون بها داخل الأجندة السياسية.
إخفاق متوقع ونهاية مفتوحة
رأت "يديعوت أحرونوت" أنه حتى لو صدر قرار رسمي باحتلال غزة، فإن فرص نجاحه على الأرض تبقى ضئيلة بسبب الواقع المعقد.
ومن المتوقع أن تلجأ الحكومة إلى نموذج مبسّط يبقي على الجمود، أو تعلن عن مشروع ضخم سرعان ما يفشل، فتسارع إلى تحميل المسؤولية لترامب أو المجتمع الدولي أو رئيس الأركان "الضعيف" أو حتى لـ"الدولة العميقة".
وأكدت "الصحيفة"، على أن قدرة الحكومة الحالية على التنفيذ محدودة للغاية، حتى في أبسط المشاريع، فكيف لها أن تدير عملية بهذا الحجم والتعقيد المفاجئ؟
نهاية بلا نصر
وفي ختام التحليل، تساءلت "الصحيفة": "ما الذي سنخسره في الطريق؟ كم جندياً سيُقتل؟ كم أسيراً سيدفع حياته؟ كم من الانقسامات ستتفاقم؟ وكيف سيخرج الإسرائيليون من هذه التجربة؟"
كما أوضحت "الصحيفة"، أن الحرب، مهما طالت، ستنتهي في النهاية، وسيحاول صناع القرار تسويق ما جرى على أنه نصر، لكن الحقيقة التي لا مفر منها، أنها كانت حرباً بلا خطة واضحة تحوّلت إلى مشهد عبثي بلا هدف.