صفقة تهجير سرية.. إسرائيل تبحث مع دولة إفريقية استيعاب نازحي غزة

الحرب في غزة
الحرب في غزة

كشفت صحيفة معاريف العبرية عن أن ملف استيعاب نازحين من قطاع غزة كان ضمن جدول مناقشات زيارة وزير خارجية جنوب السودان موندي سامايا كومبا، إلى تل أبيب الأسبوع الماضي، في زيارة وصفت بأنها الأولى من نوعها وتحاط بقدر كبير من السرية نظرًا لحساسية القضية. 

وأوضحت الصحيفة أن هذه المعلومات ظهرت إلى العلن بعد أيام من انتهاء الزيارة، عقب تسريب من وكالة أسوشيتد برس الأمريكية يشير إلى تنسيق بين إسرائيل وجنوب السودان لاستيعاب عدد من الفلسطينيين في الدولة الأفريقية.

وفي مقابلة مع قناة "أي نيوز 24" العبرية، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل سوف تسمح لسكان القطاع الراغبين في مغادرة الحرب المستمرة بالرحيل إلى الخارج، معتبرًا أن هذا الخيار يتوافق مع قوانين الحرب، وضرب مثالًا بموجات النزوح التي حدثت في سوريا وأوكرانيا وأفغانستان، كما دعا الدول التي تعلن حرصها على الفلسطينيين إلى فتح أبوابها أمامهم.

موافقة جنوب السودان

وبحسب معاريف، وافقت جوبا على العرض الإسرائيلي رغم المعارضة الدولية، لكن لم يتم الكشف عن طبيعة المقابل الذي سوف تتلقاه سواء كان دعمًا ماليًا واقتصاديًا أو تعاونًا استراتيجيًا عسكريًا وأمنيًا. 

وحتى الآن، لم تصدر تصريحات رسمية من المسؤولين في إسرائيل أو جنوب السودان، فيما امتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق على هذه المحادثات. 

ويرى مراقبون إسرائيليون أن الأوضاع الأمنية والاقتصادية في جنوب السودان، شأنها شأن دول أخرى مطروحة كوجهة للمهجرين، تثير تساؤلات جدية حول قدرتها على تأمين حياة كريمة لهم.

تحركات دبلوماسية ومشاريع تهجير

وفق معاريف، جاءت زيارة وزير خارجية جنوب السودان في إطار مساعٍ أوسع لتعزيز العلاقات مع إسرائيل وعدد من الدول الأفريقية، حيث التقى الوزير بنظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، والرئيس إسحاق هرتسوغ، ووزير الطاقة إيلي كوهين، إضافة إلى شخصيات من قيادات الاستيطان في الضفة الغربية. 

وكشف موقع واللا العبري أن إسرائيل وسعت من خلال وزارة الدفاع نطاق عمل المعابر لتسهيل مغادرة الفلسطينيين، واصفة هذه الإجراءات بأنها جزء من جهود الحرب.

معارضة فلسطينية وعربية ودولية

أشار تقرير أسوشيتد برس إلى أن الخطة تواجه رفضًا واسعًا، إذ يعتبرها الفلسطينيون والمجتمع الدولي شكلًا من أشكال الترحيل القسري.

كما عبرت مصر عن رفضها، محذرة من أن هذا المسار قد يفتح الباب أمام موجات لجوء نحو أراضيها، وأكد مسؤولان مصريان للوكالة أنهما يعملان على إقناع جنوب السودان بعدم المضي في هذا الاتفاق.

واقع مأساوي في جنوب السودان

منذ استقلاله عام 2011، عانى جنوب السودان من حرب أهلية أودت بحياة نحو 400 ألف شخص وأدت إلى مجاعة واسعة النطاق. 

ورغم توقيع اتفاق سلام عام 2018، فإن العنف الداخلي لا يزال مستمرًا، وتعتمد البلاد على المساعدات الخارجية لإطعام نحو 11 مليون نسمة، وهي مهمة ازدادت صعوبة مع خفض المساعدات الأمريكية في عهد إدارة ترامب. 

وتشير معاريف إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ناقشتا سابقًا خططًا مماثلة مع دول مثل السودان والصومال وإثيوبيا وليبيا وإندونيسيا وحتى أرض الصومال، لبحث إمكانية نقل سكان غزة إليها.

تسريع الخطة بإيعاز من بن غفير

ذكرت "هيئة البث" العبرية أن نتنياهو بدأ، عبر جهاز الموساد، اتخاذ خطوات عملية لتسريع ما يصفه بـ"الهجرة الطوعية"، في محاولة لإرضاء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وضمان بقائه في الحكومة. 

وكشفت التقارير أن نتنياهو عقد اجتماعات أسبوعية لبحث هذا الملف، ووزع المهام بين أجهزة الدولة المختلفة بحضور ممثلين عن الموساد والخارجية وغيرها،وتستهدف الخطة في أسبوعها الأول تشجيع آلاف الفلسطينيين على المغادرة، على أن يتم نقلهم عبر إسرائيل إلى الدول المستعدة لاستقبالهم.

تحذيرات حقوقية

وجهت أربع منظمات حقوقية إسرائيلية تحذيرات رسمية لوزارتي الدفاع والخارجية ولمكتب المدعي العام، معتبرة أن ما تسميه الحكومة "الهجرة الطوعية" يرقى في الواقع إلى طرد قسري للسكان المدنيين، وهو ما يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، ودعت هذه المنظمات إلى وقف فوري لأي خطوات عملية لتنفيذ الخطة.

وكالات