خبيران يكشفان ضغوط أمريكية جديدة لتهجير سكان غزة إلى سيناء.. كيف جاء الرد المصري؟

السيسي وترامب
السيسي وترامب

أثارت تصريحات هيئة البث الإسرائيلية عبر قناة "كان 11" العبرية جدلاً واسعاً بعدما كشفت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمارس ضغوطاً متزايدة على مصر للموافقة على خطة تهجير سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء مقابل ما وصفته بـ "مكافأة كبيرة وغير متوقعة".

وقد قوبلت هذه المعلومات بانتقادات حادة ورفض قاطع من قبل الخبراء المصريين، الذين اعتبروا أن مثل هذه المقترحات تمثل جريمة كبرى في حق القانون الدولي وتستهدف تصفية القضية الفلسطينية بالكامل.

التهجير القسري جريمة حرب

أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن ما تداولته وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الضغوط الأمريكية على مصر يشكل انتهاكاً صارخاً وجسيماً للقانون الدولي الإنساني.

وأوضح أن التهجير القسري للسكان المدنيين يصنف بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه جريمة حرب.

وأشار مهران إلى أن المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر تماماً نقل أو ترحيل السكان المدنيين سواء كان ذلك فردياً أو جماعياً من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو أي دولة أخرى، مؤكداً أن أي محاولة لتنفيذ هذه الخطة ستواجه برفض قاطع من المجتمع الدولي والمؤسسات القضائية العالمية.

الموقف المصري

شدد الدكتور مهران على أن الموقف المصري الرافض يعكس فهماً عميقاً لخطورة الفخ المنصوب، موضحاً أن القاهرة تدرك جيداً أن هذه الضغوط تأتي ضمن مخططات إسرائيلية بغطاء أمريكي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف أن القانون الدولي يلزم جميع الدول بعدم المشاركة في أي نشاط ينتهك الاتفاقيات الدولية مشيراً إلى أن مبدأ عدم الإعادة القسرية في قانون اللاجئين الدولي يمنع إرسال أشخاص إلى أماكن قد يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية.

مصر لن تقبل أن تكون أداة لتصفية القضية الفلسطينية

أكد الخبير الدولي أن تاريخ مصر الطويل في دعم القضايا العادلة وحقوق الشعوب يجعل من المستحيل على القاهرة أن تنخرط في أي خطة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

وأوضح أن الشعب المصري الذي قدم التضحيات دفاعاً عن فلسطين، لن يقبل أبداً أن تتحول بلاده إلى ممر لمخططات التهجير والتطهير العرقي، أو أن يُسمح بالمساس بسيادتها الوطنية وأمنها القومي.

المبادرات المصرية

تطرق الدكتور مهران إلى ما نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" بشأن المبادرات المصرية التي تركز على تحقيق هدنة إنسانية مؤقتة في غزة، دون الانخراط في تحمل مسؤوليات سياسية أو قانونية عن القطاع.

وبين أن القانون الدولي يحمل القوة القائمة بالاحتلال المسؤولية الكاملة عن رعاية السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، وأن محاولة نقل هذه المسؤولية إلى طرف ثالث تمثل خرقاً لاتفاقية جنيف الرابعة ومحاولة للتنصل من الالتزامات الدولية.

المخطط الأمريكي

حذر مهران من أن المقترحات الأمريكية تسعى بالأساس إلى تمكين إسرائيل من ضم غزة نهائياً بعد تفريغها من سكانها الأصليين في تناقض واضح مع القرارات الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي ينص على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة.

وأكد أن هذه الضغوط تكشف انحيازاً أعمى للولايات المتحدة نحو الموقف الإسرائيلي على حساب القانون الدولي وحقوق الإنسان، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف هذه المخططات ومعاقبة إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة.

أبعاد الموقف المصري

أوضح الدكتور مهران أن القبول بهذه المقترحات سيفتح الباب أمام مطالب إسرائيلية خطيرة قد تهدد الأمن القومي المصري والعربي، مؤكداً أن رفض القاهرة لهذه الضغوط يعكس التزاماً راسخاً بمبادئ القانون الدولي ودورها المحوري في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

الموقف المصري ثابت وخط أحمر

من جانبه، شدد الخبير السياسي المصري حسن سلامة على أن موقف القاهرة واضح وثابت برفض أي مخططات لتهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية.

وأوضح أن الضغوط والإغراءات الأمريكية ليست جديدة بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إضعاف القضية الفلسطينية ومنع إقامة دولة مستقلة.

وأضاف أن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري التي وصفت فكرة التهجير بأنها "خط أحمر" تؤكد أن الموقف المصري مدعوم بإجماع شعبي واسع، وهو موقف لا يقبل التنازل أو المساومة.

أدوات الضغط الأمريكية ومحاولات الابتزاز

لفت سلامة إلى أن واشنطن قد تلجأ إلى وسائل ضغط متعددة مثل التلاعب بملفات المياه أو طرح صفقات سياسية واقتصادية، إلا أن هذه الأساليب لن تؤثر على الموقف المصري الذي يتسم بالاستقلالية والصلابة.

وأشار إلى أن هذا النهج المصري القوي يثير إحباطاً لدى الإدارة الأمريكية التي فشلت في زعزعة موقف القاهرة، مؤكداً أن مصر لا تخضع للابتزاز أو الإغراءات مهما كانت قيمتها.

وعود ترامب ومحاولات فاشلة لإغراء القاهرة

كشفت القناة العبرية أن ترامب عرض على مصر "مكافأة كبيرة وغير متوقعة" في حال موافقتها على خطة التهجير، إلا أن القاهرة رفضت هذه الوعود بشكل قاطع.

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن مصر تدرك أن أي موافقة على هذه الخطة ستؤدي إلى تدخل أمريكي مباشر في ملفات حساسة مثل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، وهو ما ترفضه القاهرة رفضاً تاماً.

روسيا اليوم