في خطوة غير مسبوقة، كشفت مصادر حكومية رفيعة أن هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية فتحت تحقيقًا رسميًا مع وزير النقل والمواصلات، على خلفية اتهامات بتلقي رشاوى واستغلال المنصب لتحقيق مكاسب شخصية.
وبحسب ما أفاد به مصدر مسؤول لوكالة “معا”، فإن التحقيق يتناول عدة ملفات حساسة يُشتبه في تورط الوزير بها، أبرزها منح تراخيص وموافقات بطريقة تخالف القوانين والإجراءات الرسمية.
وأكد المصدر أن الوزير يخضع حاليًا لتحقيقات مكثفة في مدينة رام الله، وتحت إشراف مباشر من نيابة مكافحة جرائم الفساد، في حين بدأت الهيئة استدعاء عدد من الموظفين والمسؤولين الحكوميين لمراجعة وثائق رسمية وعقود يعتقد أنها ترتبط بالقضية.
إيقاف الوزير عن العمل
وبعد ساعات من بدء التحقيق، أصدر رئيس الوزراء قرارًا بوقف الوزير عن ممارسة مهامه فورًا، وتكليف وزير الأشغال العامة والإسكان بتسيير أعمال وزارة النقل والمواصلات مؤقتًا، إلى جانب مسؤولياته الحالية، لضمان استمرار سير العمل داخل الوزارة دون تعطيل.
ورغم صدور القرار بشكل رسمي، لم يُفصح مجلس الوزراء عن الأسباب التفصيلية للإيقاف، تاركًا الباب مفتوحًا أمام التكهنات، في انتظار النتائج النهائية للتحقيق.
تجميد أموال نظمي مهنا
وفي تطور متزامن، كشف نفس المصدر أن النيابة العامة قررت تجميد جميع أموال رئيس هيئة المعابر والحدود السابق، نظمي مهنا، الذي يتواجد حاليًا خارج الأراضي الفلسطينية، وذلك بعد ظهور مؤشرات أولية على شبهات فساد مالي وإداري.
وأشار المصدر إلى أن التحقيق مع مهنا يجري بشكل منفصل، ويشمل أمواله المنقولة وغير المنقولة، بناءً على توصيات صادرة من الجهات الرقابية.
وبناءً على هذه التطورات، أصدر الرئيس محمود عباس قرارًا بتعيين أمين قنديل الطريفي مسيرًا لأعمال هيئة المعابر والحدود الفلسطينية خلفًا لمهنا، في خطوة تهدف إلى إعادة ضبط العمل داخل الهيئة وضمان استمرارها وفق القانون.
الحكومة تتبنى نهجًا إصلاحيًا لمكافحة الفساد
وأكد المصدر الحكومي أن هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة إصلاح شاملة تتبناها الحكومة الفلسطينية منذ أكثر من عام ونصف، تشمل تعزيز الشفافية وترشيد الإنفاق ومكافحة الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة.
وأوضح أن الحكومة نفذت خلال تلك الفترة أكثر من 60 خطوة إصلاحية في قطاعات مختلفة، بهدف استعادة ثقة المواطنين وضمان نزاهة العمل الحكومي.
وشدد المصدر على أن هيئة مكافحة الفساد تتعامل مع هذه الملفات بسرية تامة، التزامًا بالقانون والإجراءات الرسمية، مؤكّدًا أن الهدف ليس التشهير بل تحقيق العدالة وحماية المال العام.
صمت رسمي
حتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي من الوزير المعني أو من رئيس هيئة المعابر السابق حول ما تم تداوله من اتهامات أو قرارات تجميد الأموال.
ويأتي هذا التطور في وقت تتصاعد فيه الدعوات الشعبية والرقابية لتعزيز المساءلة والشفافية داخل المؤسسات الحكومية، في ظل حاجة ماسة إلى استعادة ثقة الشارع الفلسطيني في أجهزة الدولة.
وبينما ينتظر الشارع نتائج التحقيقات، يرى مراقبون أن هذه الخطوات قد تمثل منعطفًا مهمًا في مسار مكافحة الفساد في فلسطين، ورسالة واضحة بأن القانون سوف يطبق على الجميع دون استثناء، مهما كانت المناصب أو النفوذ.