أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أن واشنطن لم تعد قادرة على تجاهل الأثر العميق الذي خلفته حرب غزة على سمعة إسرائيل ومكانتها في العالم، وأوضح في مقابلة مع برنامج "فيس ذا نيشن" عبر شبكة سي بي إس أن القضية لم تعد تتعلق بمدى "صواب" أو "مبرر" ما تفعله إسرائيل، بل بالواقع السياسي الذي أفرزته الحرب قائلاً: "بغض النظر عن الموقف من الحرب، لا يمكن إنكار أن ما يجري أثر بشدة على مكانة إسرائيل الدولية".
وأشار روبيو إلى أن هذا التحول في الرأي العالمي يمثل تحديًا غير مسبوق للدبلوماسية الأميركية التي اعتادت الدفاع عن إسرائيل في مختلف المحافل.
ترامب ينتقد نتنياهو
وجاءت تصريحات روبيو ردًا على حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أدلى به في مقابلة مع القناة الإسرائيلية 12، حيث وجه ترامب انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبرًا أنه تجاوز حدود المعقول في غزة وأن الحرب تسببت في خسارة إسرائيل لأغلب حلفائها وداعميها حول العالم.
وأضاف ترامب، أنه سوف يعمل على استعادة كل الدعم الذي خسرته إسرائيل، في إشارة واضحة إلى نيته تبني سياسة أكثر حذرًا تجاه الملف الفلسطيني الإسرائيلي مقارنة بالتصعيد الحالي.
الفيتو الأميركي
وعلى مدار عقود، وفرت الولايات المتحدة مظلة حماية سياسية ودبلوماسية لإسرائيل داخل أروقة الأمم المتحدة، مستخدمة حق النقض (الفيتو) مرارًا لمنع صدور قرارات ضدها.
وخلال العامين الأخيرين فقط، استخدمت واشنطن الفيتو ست مرات لإسقاط مشاريع قرارات تدين العمليات الإسرائيلية ضد حركة حماس في غزة، وكان آخرها الشهر الماضي عندما أحبطت مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار ورفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
عزلة متزايدة
لكن رغم الحماية الأميركية المستمرة، تكشف نتائج التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن واقع مغاير إذ صوتت 149 دولة لصالح قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، فيما امتنعت 19 دولة عن التصويت وصوتت 11 دولة فقط ضد القرار من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل.
ورغم أن القرار غير ملزم قانونيًا، إلا أنه يعكس توجهًا عالميًا واضحًا ضد استمرار الحرب ويبرز مدى العزلة السياسية والدبلوماسية التي تواجهها إسرائيل في الساحة الدولية.
بيان أممي
وفي خطوة فسرت على أنها محاولة للموازنة بين الضغوط الدولية والتحالف الإستراتيجي مع تل أبيب، وافقت واشنطن مؤخرًا على بيان صادر عن مجلس الأمن يدين الضربات الإسرائيلية على العاصمة القطرية الدوحة.
غير أن البيان تجنب ذكر إسرائيل بالاسم، في ما وصفه مراقبون بأنه أسلوب دبلوماسي لامتصاص الانتقادات دون المساس بتحالف واشنطن الثابت مع تل أبيب.
ويشير محللون إلى أن هذا الموقف يعكس تحولًا دقيقًا في السياسة الأميركية، إذ تحاول إدارة واشنطن حماية إسرائيل من الانعزال الكامل، مع الحفاظ على توازنها أمام الرأي العام العالمي الذي بات أكثر انتقادًا للحرب في غزة.