مشاورات دولية معقدة حول قوة استقرار غزة.. وشبح الفيتو يهدد القرار

غزة
غزة

تشهد أروقة مجلس الأمن الدولي في نيويورك نقاشات مكثفة حول مشروع قرار أميركي يهدف إلى نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، ووفق ما أوردته صحيفة الشرق الأوسط، فإن مصر تبدي ملاحظات جوهرية على المشروع، لكنها ما زالت تعوّل على إمكانية التوصل إلى صيغة توافقية تضمن قبولاً واسعاً بين الأطراف كافة دون المساس بالثوابت الفلسطينية.

ويرى محللون أن الوصول إلى إجماع حول هذه القوة سوف يكون خطوة مفصلية، قد تفتح الباب أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة: إما نجاح المفاوضات لاعتماد الصيغة التوافقية، أو إصرار واشنطن على تمرير النص دون تعديل بما يستدعي فيتو روسي أو صيني، أو الاكتفاء ببيان رئاسي من المجلس يترك الباب مفتوحاً للمفاوضات لاحقاً.

تحرك مصري مكثف لضبط الصيغة الدولية

كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أن القاهرة منخرطة بعمق في المشاورات الجارية بشأن تشكيل القوة الدولية، موضحاً أن هناك تواصلاً يومياً مع واشنطن وموسكو وبكين والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تنسيق مستمر مع المجموعة العربية بقيادة الجزائر بصفتها العضو العربي الحالي في مجلس الأمن.

وأكد عبد العاطي أن الهدف هو أن يصدر القرار الأممي بما يحافظ على الثوابت الفلسطينية ويتيح سرعة نشر القوة الدولية، شريطة أن تكون الصياغة قابلة للتنفيذ فعلياً، وأن تراعي الهواجس والأولويات المختلفة للدول دون المساس بالقضية الفلسطينية.

مشروع القرار الأميركي

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخراً أن القوة الدولية ستبدأ عملها “قريباً جداً”، فيما كشفت مصادر أميركية أن مشروع القرار المقترح يمنح تفويضاً لمدة عامين لهيئة حكم انتقالي في غزة، مع نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

ووفقاً لتسريبات نشرها موقع أكسيوس، فإن المشروع ينسجم مع عدد من المطالب الإسرائيلية، إذ يصف القوة بأنها “قوة تنفيذية وليست لحفظ السلام”، ويكلفها بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وتدمير البنية العسكرية في القطاع، ومنع إعادة بنائها، ما يثير حساسيات سياسية وأمنية واسعة في المنطقة.

تحفظات عربية وتحذيرات من التصعيد

يؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور سعيد عكاشة من مركز الأهرام أن الدور المصري في هذه المرحلة بالغ الأهمية، لكنه يحذر من أن إسرائيل تملك القدرة على تعطيل أي قرار أممي وتعارض المشاركة التركية، مما يجعل مهمة تنفيذ القرار “غاية في الصعوبة”.

أما المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال فيرى أن تفاهمات محتملة بين مصر وقطر والولايات المتحدة يمكن أن تفضي إلى صيغة وسطية لانتشار القوة الدولية، ربما تحت مظلة أممية وبموافقة فلسطينية، لكنه يشدد على أن روسيا والصين تتحفظان بشدة على أي خطوة تمنح واشنطن أو إسرائيل تفويضاً ميدانياً دون توافق جماعي.

وفي هذا السياق، عبر المستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش عن موقف بلاده قائلاً خلال “ملتقى أبوظبي الاستراتيجي”: “الإمارات لا ترى حتى الآن إطاراً واضحاً لقوة حفظ الاستقرار، ولذلك لن تشارك في مثل هذه القوة ما لم تتضح مهامها وولايتها”.

جاء ذلك بعد اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، شدّد خلاله الطرفان على ضرورة تحديد صلاحيات القوة الدولية وولايتها بدقة قبل أي خطوة ميدانية.

الفيتو شبح يهدد القرار

يعتمد تمرير القرار على موافقة تسعة أعضاء على الأقل في مجلس الأمن، شرط ألا تستخدم روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض (الفيتو).

ويرى عكاشة أن احتمالات مرور القرار ضعيفة في ظل التحفظ الروسي الصيني، مرجحاً أن تلجأ واشنطن إلى تشكيل قوة متعددة الجنسيات خارج المظلة الأممية بمشاركة دول أفريقية أو إسلامية، لكن من دون انخراط عربي مباشر، وهو ما قد يشعل صدامات ميدانية مع حركة حماس التي ستعتبرها “قوة لحماية الاحتلال لا لإحلال السلام”.

سيناريوهات ما بعد نيويورك

يتوقع نزار نزال أن تتجه الأمور إلى أحد ثلاثة مسارات رئيسية:

  • توافق أممي يقود إلى صدور قرار غامض بتفويض محدود أو بعثة مراقبة رمزية.
  • تجميد المشروع نتيجة استمرار الخلافات حول مهام القوة الدولية.
  • إصدار بيان رئاسي من مجلس الأمن بدل القرار، بما يبقي المسار السياسي مفتوحاً أمام مفاوضات لاحقة.
وكالات