كشفت تقارير إسرائيلية عن تفاقم أزمة داخل الجيش الإسرائيلي، وصفت بأنها "الأخطر منذ سنوات"، حيث يسعى آلاف العسكريين من مختلف الرتب إلى مغادرة الخدمة وطلب التقاعد المبكر، وأفادت القناة الإسرائيلية 12 بأن هذه الموجة الواسعة من طلبات التسريح تأتي في وقت حساس تمر به المؤسسة العسكرية بعد مرور أكثر من عامين على هجوم حركة حماس المفاجئ وما تبعه من حرب دامية على قطاع غزة، ما ترك آثارًا عميقة على البنية التنظيمية والمعنوية للجيش.
استنزاف نفسي وتصدع داخلي
وأوضحت القناة أن الأزمة تمتد إلى كل المستويات العسكرية، من الضباط الكبار حتى الجنود الدائمين، مشيرة إلى أن الدافع الرئيسي وراء هذه الظاهرة هو حالة "الإنهاك المستمر" التي يعيشها الجيش منذ اندلاع الحرب، كما أضاف التقرير أن الخلافات السياسية الحادة داخل إسرائيل، والتعيينات المثيرة للجدل في بعض المناصب القيادية، ساهمت في تعميق الشعور بعدم الرضا بين أفراد القوات المسلحة.
ويرى محللون عسكريون أن تراكم الضغوط النفسية والمعيشية، إلى جانب تراجع الثقة في القيادة السياسية والعسكرية، جعلت العديد من العسكريين يعيدون التفكير في الاستمرار بالخدمة.
رئيس الأركان يتدخل شخصيًا لاحتواء الأزمة
من جانبه، يتعامل رئيس الأركان الإسرائيلي، الفريق إيال زامير، مع هذه التطورات بقلق بالغ، ووفق ما أوردته القناة، فإنه يتابع بنفسه ملفات العسكريين الراغبين في التقاعد ويحاول إيجاد حلول عاجلة لتفادي تفاقم الأزمة، كما تعمل هيئة الأركان العامة على إعداد خطة شاملة لتحسين أوضاع الخدمة وإعادة بناء الروح المعنوية داخل الجيش، بالتوازي مع محاولة منع أي قرارات تشريعية قد تمس بحقوق العسكريين أو امتيازاتهم.
الحكومة تتدخل بحزمة حوافز مالية ضخمة
وفي محاولة لاحتواء التوتر ووقف موجة الاستقالات، أقرت الحكومة الإسرائيلية، الأحد الماضي، خطة دعم جديدة بقيمة 3.25 مليار شيكل (نحو مليار دولار) موجهة للعسكريين الدائمين، وتتضمن الخطة تحسينات في الرواتب والمزايا الاجتماعية، إلى جانب دعم مجالات السكن والتعليم لأسرهم.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب إقرار القرار، أن "أفراد الخدمة الدائمة يشكلون العمود الفقري للجيش الإسرائيلي"، مشددًا على أن الحكومة ستواصل دعمهم ماديًا ومعنويًا تقديرًا لتضحياتهم.
تداعيات محتملة على جاهزية الجيش
ويرى مراقبون أن استمرار هذه الأزمة، رغم الحوافز المالية، قد ينعكس سلبًا على جاهزية الجيش الإسرائيلي في المدى المتوسط، خاصة مع تصاعد التحديات الأمنية في غزة والضفة الغربية وازدياد التوترات على الحدود الشمالية مع حزب الله.
كما يحذر خبراء عسكريون من أن تراجع الروح القتالية وازدياد حالات التقاعد قد يؤدي إلى فجوات خطيرة في صفوف القوات النظامية، الأمر الذي يجعل القيادة العسكرية أمام اختبار حقيقي لاستعادة الانضباط والثقة داخل المؤسسة.
بهذا المشهد، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه في مواجهة أزمة داخلية عميقة لا تقل خطورة عن التهديدات الخارجية، وسط تساؤلات متزايدة حول قدرة القيادة الحالية على إعادة بناء تماسك الجيش وضمان استمرارية أدائه في ظل الضغوط المستمرة.
