منذ اندلاع الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لم تتوقف الانتهاكات عند الأرواح والممتلكات، بل امتدت لتطال المؤسسات المالية التي تعد شرياناً أساسياً للاقتصاد الوطني، فقد تعرضت البنوك العاملة في القطاع لسلسلة عمليات نهب منظّمة نفذتها جماعات مسلّحة وقوات الاحتلال، في محاولة لكسر أحد أهم ركائز الاستقرار الاقتصادي.
خسائر بملايين الدولارات
وفي بيانات متتابعة، أكدت سلطة النقد الفلسطينية أن حجم الأموال المنهوبة من خزائن البنوك في غزة بلغ نحو 180 مليون دولار، وهو رقم يعكس خطورة الاعتداءات ويفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مصير تلك الأموال وتداعياتها على مستقبل الاقتصاد الفلسطيني.
وفي هذا الإطار، أوضح نائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية، محمد مناصرة، لـ"صدى نيوز" أن ملف الأموال المنهوبة غادر منذ فترة نطاق متابعة سلطة النقد وانتقل إلى متابعة الحكومة، قائلاً:
"لقد قمنا بعكس هذه الخسائر في البيانات المصرفية من خلال مطالبة البنوك بتجنيب مخصصات مالية تغطي حجم الأموال المنهوبة"، مشيراً إلى أن البنوك بالفعل خصمت هذه الخسائر من أرباح العام الماضي.
تراجع خطير في أرباح البنوك
ووفقًا لما جاء في بيانات جمعية البنوك في فلسطين، سجّلت البنوك في نهاية 2024 أدنى مستويات للأرباح، إذ بلغ إجمالي الأرباح 43.5 مليون دولار فقط، مقارنة بـ 168.1 مليون دولار عام 2023، بينما كان العام 2022 الأكثر ربحاً بقيمة 227.9 مليون دولار.
290 مليون دولار داخل الخزنات قبل الحرب
كما سبق وكشف "مناصرة"، أن الأموال الموجودة داخل خزائن بنوك غزة قبل الحرب بلغت نحو 290 مليون دولار، جرى نهب 180 مليون دولار منها.
عمليات سطو نوعية
وفي تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية العام الماضي، أشارت إلى أن مجموعات مسلّحة سرقت ما يصل إلى 66 مليون يورو من أحد البنوك العاملة في غزة، مؤكدة أنها اطّلعت على وثيقة رسمية أرسلها البنك لشركائه الدوليين تتضمن تفاصيل عمليات سطو استهدفت فرعه الرئيسي في مدينة غزة.
ثلاثة أسباب لشل القطاع المصرفي
وأشار محافظ سلطة النقد يحيى الشنار، إلى أن القطاع المصرفي لم يتمكن من استئناف أعماله الاعتيادية في غزة لثلاثة أسباب رئيسية:
- تدمير خزائن البنوك والصرافات الآلية بفعل الحرب.
- رفض الاحتلال إدخال السيولة النقدية إلى القطاع.
- غياب الأمن الداخلي الذي تسبب خلال الحرب بنهب 180 مليون دولار.
عودة جزئية للعمل المصرفي
وأكد "الشنار"، أن استئناف العمل المصرفي يتطلب إعادة بناء البنوك والصرافات والخزنات، إضافة إلى توفير ضمانات أمنية تمنع عمليات نهب جديدة.
وكانت سلطة النقد قد أوعزت منتصف أكتوبر الماضي للمصارف بالبدء في تقديم الخدمات بشكل تدريجي وفق جاهزيتها.
وأوصت سلطة النقد، الجمهور بضرورة الاعتماد على وسائل الدفع الإلكترونية مثل البطاقات والمحافظ الرقمية وتطبيقات الهواتف، لضمان إنجاز معاملاتهم دون الحاجة للتزاحم عند الفروع.
خدمات شكلية دون سيولة
وعلى الرغم من استئناف بعض البنوك لنشاطها، يرى مراقبون أن العمل ظلّ شكلياً إلى حد كبير بسبب عدم القدرة على تنفيذ عمليات السحب والإيداع النقدي.
ارتفاع كبير في ودائع العملاء
كما أظهرت بيانات حديثة لسلطة النقد ارتفاع حجم ودائع العملاء في غزة إلى 4.91 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، مقارنة بـ 1.61 مليار دولار في الفترة نفسها من 2023، بزيادة قدرها 3.26 مليار دولار وبنسبة 204%.
ويرى الخبراء أن هذا الارتفاع يعود لدمار القطاعات الاقتصادية، ما دفع أصحاب الأموال لإيداعها في البنوك حفاظاً عليها.
تدمير شبه كامل للقطاع المالي
وذكر البنك الدولي أن العدوان تسبب في تدمير 93% من فروع البنوك في غزة، إضافة إلى تدمير 88% من مؤسسات التمويل الأصغر ومعظم مكاتب الصرافة وشركات التأمين.
عجز كبير في الصرافات الآلية
والجدير بالذكر أن لم يبقى سوى 3 ماكينات صراف آلي صالحة للعمل من أصل 94 منتشرة سابقاً في القطاع، بحسب البيانات المتطابقة بين البنك الدولي وسلطة النقد، كما كان يعمل في قطاع غزة 10 بنوك من أصل 13 مصرفاً محلياً ووافداً تعمل في السوق الفلسطينية.
