أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا وجود علاقة مقلقة بين المواد الكيميائية المستخدمة في عمليات التنظيف الجاف وزيادة خطر الإصابة بأمراض الكبد، بما في ذلك تليف الكبد الذي يعد أحد أبرز أسباب الوفاة المرتبطة بالكبد.
وأوضحت الدراسة أن مادة "رباعي كلورو الإيثيلين" (PCE)، المستخدمة على نطاق واسع في التنظيف الجاف وإزالة الشحوم المعدنية في الصناعة، ترتبط بزيادة تصل إلى ثلاثة أضعاف في خطر تلف الكبد للأشخاص المعرضين لها.
تواصل بين التعرض والكبد
حلل الباحثون البيانات الصحية لـ 1614 شخصًا بالغًا من المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية في الولايات المتحدة خلال الفترة من 2017 إلى 2020، وقد تم تتبع مستويات PCE في الدم وربطها بحالات تلف الكبد.
وكشفت النتائج أن 81 مشاركًا فقط كان لديهم مستويات قابلة للكشف من هذه المادة السامة، إلا أن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر عرضة بثلاث مرات للإصابة بتلف كبدي شديد مقارنة بالمجموعة غير المعرضة.
تأثير الجرعة
وشرح الدكتور برايان لي، أخصائي زراعة الكبد والمؤلف الرئيسي للدراسة، أن كلما زاد تليف الكبد لدى الشخص، زاد احتمال وفاته بسبب أمراض الكبد، وتظهر دراستنا وجود تأثير واضح للجرعات، حيث أن كل زيادة بمقدار نانوغرام واحد في المليلتر من تركيز PCE في الدم ترفع خطر التندب الكبدي خمسة أضعاف.
ويعتقد الباحثون أن الآلية البيولوجية تكمن في أن منتجات أيض PCE الثانوية تتفاعل مع خلايا الكبد، مما يؤدي إلى تحلل الدهون في غشاء الخلية وإطلاق سلسلة من التفاعلات الالتهابية والتندبية.
توسع الخطر عالميًا
يأتي هذا الاكتشاف في وقت يشهد فيه العالم ارتفاعًا ملحوظًا في أمراض الكبد، التي لم تعد تقتصر على كبار السن أو مدمني الكحول، بل أصبحت تنتشر بين الشباب والأطفال بشكل متزايد.
وكانت وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) قد أصدرت في عام 2024 قرارًا يقيد استخدام PCE، مع خطة للتخلص التدريجي منه على مدى عشر سنوات، بعد أن صنفته كـ "مادة مسرطنة محتملة للإنسان"، وتشير الدراسة الحالية إلى أن الخطر يمتد ليس فقط من التعرض المباشر عبر الملابس المعالجة بالتنظيف الجاف، بل أيضًا من التلوث البيئي في الهواء والماء.
توصيات الباحثين
اختتم الدكتور لي توصياته بالقول: "يجب على الأطباء استقصاء التاريخ البيئي للمرضى، كما ينبغي لصانعي السياسات سن تشريعات تحمي الجمهور من هذه السموم البيئية."
ويؤكد الخبراء أن التوعية بمخاطر PCE وفرض قيود صارمة على استخدامه إلى جانب متابعة التلوث البيئي، يمثلان خط الدفاع الأول للحد من انتشار أمراض الكبد المرتبطة بهذه المادة.
