أصدر معهد باستور الفرنسي، أحد أهم المؤسسات البحثية المتخصصة في الأمراض التنفسية، تحذيرًا جديدًا من احتمال ظهور جائحة عالمية قد تكون أخطر من فيروس كورونا الذي اجتاح العالم قبل خمس سنوات، ويأتي هذا التحذير في ظل الانتشار المتزايد لفيروس إنفلونزا الطيور بين الطيور والدواجن، والخشية من تحوره بشكل يسمح له بالانتقال من إنسان إلى آخر.
انتشار واسع وخسائر ضخمة
بحسب ما نقلته وكالة رويترز، فقد أدى فيروس إنفلونزا الطيور شديد العدوى خلال السنوات الأخيرة إلى إعدام مئات الملايين من الطيور حول العالم، الأمر الذي تسبب في اضطراب حاد في سلاسل إمدادات الغذاء وارتفاع أسعار اللحوم البيضاء بشكل كبير.
وعلى الرغم من أن الإصابات البشرية بالفيروس ما تزال قليلة جدًا ونادرة الحدوث، إلا أن العلماء يرون أن الوضع قد يتغير جذريًا إذا تمكن الفيروس من التكيف مع جسم الإنسان.
مخاوف من قدرة الفيروس على التحور
الدكتورة ماري آن راميكس ويلتي، المديرة الطبية لمركز التهابات الجهاز التنفسي بمعهد باستور، أوضحت أن السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو تطور الفيروس ليصبح قادرًا على الانتقال بين البشر بسهولة، وأكدت أن الخطر الحقيقي يكمن في احتمال تكيفه مع الثدييات ثم البشر، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور وباء عالمي جديد.
وقالت: "ما نخشاه هو أن يصبح الفيروس قادرًا على الانتقال من إنسان لآخر. إذا حدث ذلك، فسيكون وبائيًا وقد يتسبب في أزمة صحية عالمية واسعة."
خبرة سابقة في مواجهة الجوائح
وأشارت راميكس ويلتي، إلى أن معهد باستور كان من أوائل المراكز العلمية التي طورت اختبارات الكشف عن فيروس كورونا في بداية تفشيه، وساهم في توفير بروتوكولات الفحص التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية والمختبرات الدولية، وتؤكد هذه الخبرة قدرة المعهد على تحليل المخاطر وتقديم تقديرات دقيقة حول التهديدات الصحية المستقبلية.
انعدام المناعة تجاه السلالة الأخطر
وأوضحت المديرة الطبية أن خطورة الوضع الحالي ترتبط بشكل مباشر بعدم امتلاك البشر لأي أجسام مضادة ضد سلالة H5 من إنفلونزا الطيور، وهي السلالة التي تصيب الطيور وبعض الثدييات.
وأكدت أن الأجسام المضادة لدى الناس تقتصر غالبًا على سلالات الإنفلونزا الموسمية المنتشرة مثل H1 وH3، مما يجعلهم مكشوفين تمامًا أمام H5، وأضافت: "البشر لا يمتلكون مناعة طبيعية تجاه هذه السلالة، كما أن المناعة المكتسبة من كورونا لا توفر أي حماية ضدها."
احتمال جائحة أكثر شدة من كورونا
وفي ختام تحذيراتها، شددت راميكس ويلتي على أن جائحة إنفلونزا الطيور، إذا حدثت، قد تكون أشد قسوة من وباء كورونا الذي أصاب العالم بصدمة صحية واقتصادية، وأوضحت أن خصائص الفيروس وطبيعته شديدة العدوى قد تجعله ينتشر بسرعة كبيرة، وهو ما قد يشكل تهديدًا غير مسبوق لأنظمة الصحة العامة حول العالم.
وأكدت: "في حال تحور الفيروس وأصبح قادرًا على الانتقال بين البشر، فإن الجائحة القادمة ستكون أكثر خطورة مما شهدناه في السنوات الماضية."
