غزة/ البوابة 24- صفاء كمال:
في غزة المحاصرة، حيث انهار النظام الصحي تحت ضغط الحرب ونقص الإمكانيات، تُصارع الطفلة أرجوان الدهيني، 4 سنوات، للبقاء على قيد الحياة. تدهور خطير في النمو، فقدان الوزن، وتساقط الشعر، يقابله عجز طبي كامل عن تحديد سبب المرض أو علاجه.
وعلى الرغم من الجهود المحدودة داخل المستشفيات، لم يعد بالإمكان إنقاذها من دون تحويل عاجل للعلاج خارج القطاع. قصة أرجوان ليست استثناءً، بل جزء من أزمة أوسع تهدد آلاف المرضى المنتظرين فرصة للوصول إلى رعاية آمنة.
تعاني الطفلة أرجوان من سوء تغذية حاد واضطرابات خطيرة في النمو، إلى جانب نقص شديد في البروتين أدى إلى ثبات وزنها عند 5 كيلوغرامات فقط. كما فقدت القدرة على الحركة والكلام وتناول الطعام، بينما يعاني جسدها من إسهال مزمن واستفراغ متواصل، إضافة إلى مشكلات في الكلى يُرجّح أنها السبب الرئيس لتدهورها الصحي. ومع غياب الفحوصات المتقدمة في غزة، لم يتمكن الأطباء من تحديد التشخيص النهائي.
أمام هذا الواقع، حاول الأطباء تقديم ما يستطيعون، لكن محدودية الإمكانيات جعلت بقاء أرجوان داخل القطاع خطراً على حياتها. وتؤكد عائلتها أن تدهورها يتسارع، ما يجعل نقلها للعلاج الخارجي ضرورة لا تحتمل التأجيل.
تقول والدتها إن ابنتها تعيش "وضعًا لا يُحتمل"، موضحة أنها تعاني من تسرب خطير للبروتين والبوتاسيوم من الكلى، مما أوقف زيادة وزنها بشكل كامل. وتضيف: "ابنتي لم تعد قادرة على المشي، وشعرها يتساقط يوميًا، وأنا عاجزة عن رؤيتها تنهار أمامي". وتختتم مناشدة: "أرجوان يجب أن تغادر غزة فورًا. لقد حصلنا على تحويلة وننتظر دولة تستضيفها. أرجوكم أنقذوا أرجوان قبل فوات الأوان".
آلاف المرضى بحاجة للسفر
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن نحو 16,500 مريض ما زالوا ينتظرون السفر للعلاج، مؤكدة أن فتح المعابر بشكل عاجل ومستدام هو السبيل الوحيد لإنقاذ حياة آلاف المرضى.
وأشارت المنظمة إلى أنها تمكنت سابقًا من نقل نحو 4,000 مريض عبر معبر رفح قبل إغلاقه، بينما توفي أكثر من 700 شخص أثناء انتظار الإجلاء.
وأوضحت منظمة الصحة أن أكثر من 20 دولة استقبلت مرضى من غزة، من بينها مصر والإمارات وتركيا والأردن. ومع ذلك، تبقى الأعداد أكبر بكثير من القدرة الاستيعابية المتاحة، حيث قال ريك بيبركورن، ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية، إن الوتيرة الحالية تعني أن نقل 15 ألف شخص يحتاجون إلى علاج خارجي سيستغرق عشر سنوات.
الشتاء يفاقم أزمة الجوع في غزة رغم زيادة المساعدات
قال برنامج الأغذية العالمي إن كميات أكبر من المواد الغذائية بدأت تصل إلى غزة منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر، إلا أن الإمدادات ما تزال أقل بكثير من حجم الاحتياجات الإنسانية الهائلة، خاصة مع اقتراب الشتاء الذي يهدد بإتلاف ما يصل للسكان من مساعدات.
وأوضح المتحدث باسم البرنامج، مارتن بينر، في إفادة صحفية، أن الوضع تحسّن مقارنة بما قبل وقف إطلاق النار، لكنه شدد على أن الطريق ما يزال طويلًا لضمان دعم مستدام يساعد الأسر على استعادة صحتها وتغذيتها وحياتها.
وبحسب البرنامج، ما يزال مئات الآلاف من سكان غزة بحاجة ماسة إلى الغذاء، فيما كان مرصد عالمي للجوع قد أعلن في أغسطس أن ما لا يقل عن نصف مليون شخص يعانون من المجاعة في أجزاء من القطاع.
من جهتها، قالت عبير عطيفة، المتحدثة باسم البرنامج، إن أمطارًا غزيرة هطلت على غزة هذا الأسبوع وتسببت في تلف وانجراف جزء من المواد الغذائية التي كان السكان يخزنونها، مشيرة إلى أن ما حدث يعكس حجم التحديات التي ستواجه العائلات مع دخول فصل الشتاء.
