كشفت بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية أن قيمة المستحقات المالية المتراكمة لصالح موظفي القطاع العام بلغت نحو 7.3 مليار شيقل حتى نهاية شهر تشرين الأول الماضي، وتمثل هذه المتأخرات تراكمًا متواصلًا للأزمة التي تعاني منها الحكومة في ظل شح الموارد وعجزها عن الوفاء بالالتزامات الشهرية تجاه آلاف الموظفين.
ديون الحكومة
أوضحت الوزارة، أن إجمالي الدين العام والمتأخرات المستحقة على الحكومة بلغ حوالي 46.5 مليار شيقل بنهاية تشرين الأول، وهو رقم يعكس الضغوط الهائلة التي تتعرض لها الخزينة.
وتأتي هذه الأزمة في وقتٍ تواصل فيه إسرائيل حجب أموال المقاصة التي تشكل ما نسبته 68% من الإيرادات العامة، مما يدفع السلطة إلى مستويات غير مسبوقة من العجز المالي ويقلّص قدرتها على إدارة نفقاتها الأساسية.
ديون متفرعة
تشير البيانات إلى أن مستحقات القطاع الخاص وصلت إلى 6.7 مليار شيقل، بينما بلغ حجم الاقتراض المحلي نحو 11.2 مليار شيقل، والاقتراض الخارجي ما يقارب 4.4 مليار شيقل.
إلى جانب ذلك، تتوزع ديون أخرى لصالح صندوق التقاعد الفلسطيني وجهات مالية متعددة، وهو ما يضيف مزيدًا من التعقيد على المشهد المالي العام.
السلطة في أسوأ أزمة مالية
تمر السلطة الفلسطينية حاليًا بما وصفته الجهات الرسمية بأنه أسوأ أزمة مالية منذ تأسيسها، حيث باتت عاجزة عن صرف الرواتب كاملة للموظفين، وعن تمويل خدماتها في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
وتؤكد وزارة المالية أن النفقات الحكومية الشهرية تصل إلى 1.5 مليار شيقل، منها مليار و50 مليون شيقل مخصصة للرواتب وأشباه الرواتب بما يشمل المتقاعدين وملفات الحالات الاجتماعية.
تحسن محدود في الدعم الخارجي
ورغم تسجيل بعض التحسن في حجم المساعدات الدولية خلال العامين الماضيين، إلا أن هذا الدعم لم يسهم إلا في تسديد دفعات محدودة من الرواتب لسببين رئيسيين:
- تراجع النشاط الاقتصادي في فلسطين نتيجة الحرب وتداعياتها، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المحلية من 400 مليون إلى 250 مليون شيقل شهريًا فقط.
- زيادة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، حيث فرضت إسرائيل خصومات جديدة تتعلق بمخصصات غزة بنحو 270 مليون شيقل شهريًا، إضافة إلى الخصومات السابقة منذ 2019 الخاصة برواتب الأسرى والشهداء والبالغة 52 مليون شيقل شهريًا.
ستة أشهر بلا مقاصة
وأشارت وزارة المالية إلى أن إسرائيل أوقفت تحويل أموال المقاصة بالكامل منذ ستة أشهر بدعوى "معاقبة" السلطة بعد الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين.
وتظهر البيانات أن الخزينة العامة فقدت نحو ثلث إيراداتها خلال العامين الماضين بسبب الحرب على غزة واستمرار الاقتطاعات، فقد وصلت الإيرادات النقدية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري إلى 8.79 مليار شيقل بزيادة طفيفة عن العام الماضي، لكنها أقل بنسبة 32.4% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، حين بلغت 13 مليار شيقل قبل اندلاع الحرب.
13 مليار شيقل محتجزة
وأكد رئيس الوزراء الدكتور محمد مصطفى، أن أزمة السلطة تفاقمت بشكل كبير بعد احتجاز واقتطاع إسرائيل لما يقارب 13 مليار شيقل من أموال المقاصة، معتبرًا أن هذا الإجراء يشكل العامل الأكبر الذي دفع بالأزمة المالية إلى مستويات غير مسبوقة وأربك قدرة الحكومة على تغطية التزاماتها الأساسية.
