قررت وزارة الداخلية في جنوب أفريقيا إلغاء الإعفاء الذي كان يتيح لحاملي جوازات السفر الفلسطينية دخول البلاد دون تأشيرة لمدة 90 يومًا، وذلك على خلفية تحقيقات أمنية معمّقة كشفت عن استغلال منظم لهذا الامتياز.
وأفادت التحقيقات بوجود رحلات جوية مستأجرة نُقلت على متنها مجموعات من الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة، من دون الالتزام بشروط الدخول المعمول بها، الأمر الذي اعتبرته السلطات إساءة واضحة للسياسة المعتمدة.
توصيات استخباراتية وتحذيرات أمنية
أوضح وزير الداخلية ليون شرايبر أن القرار استند إلى توصيات مباشرة من أجهزة الاستخبارات الوطنية وهيئة الأمن في البلاد، بعد رصد معطيات تشير إلى تورط جهات إسرائيلية في استغلال الإعفاء ضمن تحركات مرتبطة بما وصفه بـ“الهجرة الطوعية” لسكان غزة، ولفت إلى أن هذه الممارسات تجاوزت تمامًا الغاية الأصلية من الإعفاء، والمتمثلة في تشجيع السياحة والزيارات القصيرة.
تفاصيل الرحلات المشبوهة
بحسب شرايبر، كشفت مراجعة رحلتين مستأجرتين وصلتا مؤخرًا إلى البلاد أن المسافرين لم يأتوا لأغراض سياحية، بل جرى نقلهم ضمن ترتيبات مسبقة، وبين أن الركاب لم يحجزوا تذاكرهم بأنفسهم، بل تولى وسطاء تنظيم الرحلات كاملة، مع ملامح غير طبيعية شملت حمل العديد منهم تذاكر ذهاب فقط، ومنعهم من اصطحاب الأمتعة، والسماح لهم بحيازة مبالغ مالية محدودة بالدولار وبعض الاحتياجات الأساسية فقط.
نواقص وثائقية وإرباك عند الوصول
عند وصول المسافرين إلى مطار أو آر تامبو الدولي في جوهانسبرغ، تبين أن عددًا منهم لا يحمل وثائق مغادرة أو بيانات واضحة عن أماكن الإقامة، ولا يملك تذاكر عودة، وأشار الوزير إلى أن هذا النمط المتكرر يعكس استغلالًا للإعفاء، بل واستغلالًا للمسافرين أنفسهم، الذين وجدوا أنفسهم في وضع قانوني وإنساني معقد.
شبهات إعادة توطين ودور وسطاء دوليين
وأضاف شرايبر أن التحقيقات أظهرت مؤشرات على أن نقل المسافرين قد يكون جزءًا من خطة أوسع لإعادة توطين فلسطينيين في دول متعددة، مع الاشتباه في وجود وسيط مقره دبي يسعى لتنظيم رحلات إضافية في وقت قريب.
ورغم أن معظم القادمين أكدوا عدم رغبتهم في التقدم بطلبات لجوء، إلا أن منظمات المجتمع المدني تدخلت لتقديم الدعم لهم في ظل حالة الغموض التي واجهوها.
خلفية إنسانية وتحقيقات متواصلة
جاء القرار بعد حادثة سابقة منعت فيها السلطات دخول 153 فلسطينيًا الشهر الماضي بسبب نقص الوثائق، قبل السماح لهم لاحقًا بالدخول لأسباب إنسانية.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن الحكومة وأجهزة الأمن فتحوا تحقيقًا مشتركًا، وسط شبهات بتورط منظمة تُعرف باسم “المجد أوروبا” في تنسيق عمليات نقل وُصفت بأنها شكل من أشكال “الهجرة القسرية” من غزة.
شركات طيران ورحلات سابقة
وفي السياق ذاته، أكدت شركة “جلوبال إيرويز” للطيران العارض أنها نفذت في أكتوبر 2025 رحلة مماثلة من نيروبي إلى جوهانسبرغ، وعلى متنها مسافرون فلسطينيون دخلوا البلاد مستفيدين من الإعفاء ذاته، ما عزز مخاوف السلطات من تكرار النمط نفسه.
موقف حكومي حاسم ورسالة سياسية
وشدد شرايبر على أن سحب إعفاء التأشيرة يهدف بالأساس إلى منع تكرار مثل هذه العمليات، مع التأكيد على التزام الحكومة بالنظر في طلبات اللجوء لمن يرغب، والتعامل مع بقية الزوار وفق ضوابط الإقامة القصيرة، كما أشار إلى أن الرئيس سيريل رامافوزا كان قد لمح سابقًا إلى احتمال ترحيل مسافرين قادمين من غزة، وهو ما قالت التحقيقات إنه لم يكن مجرد احتمال نظري.
