صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على تمديد أمر طارئ يمنح الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) صلاحيات إضافية لاختراق الأنظمة الحاسوبية المشغلة لكاميرات ثابتة، لمدة عام جديد، ويأتي هذا القرار ضمن مسار تشريعي يوسع أدوات المراقبة الرقمية في خطوة يرى فيها مراقبون تكريسًا لمنظومة تجسسية عابرة للحدود تطال الفلسطينيين وتمتد آثارها إلى دول عربية.
صلاحيات تقنية بلا رقابة قضائية كافية
وبموجب القرار، الذي أحيل إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن لاستكمال النقاش، تصبح الأجهزة الأمنية مخوّلة بالتدخل التقني المباشر في أنظمة تشغيل الكاميرات، بما يشمل التحكم في المواد المصورة أو تعطيل الوصول إليها، أو استخدامها، بذريعة ضمان "استمرارية العمل العملياتي" وتنفيذ "المهام الأمنية"، وعمليًا، يمنح ذلك نفاذًا واسعًا إلى فضاءات خاصة دون إشعار أصحابها ودون ضوابط قضائية صارمة.
الأمن ذريعة والمراقبة واقع دائم
ورغم توصيف القانون بأنه إجراء مؤقت يحذر حقوقيون وخبراء قانونيون من تحوّله إلى تشريع دائم، في ضوء التمديد المتكرر لصلاحيات قدمت أساسًا كاستثناءات ظرفية خلال فترات الحرب، ويؤكد منتقدو المسار التشريعي أن تحويل الاستثناء إلى قاعدة يفتح الباب أمام مراقبة جماعية مُمأسسة بقوة القانون، ويقوّض مبادئ الخصوصية والحريات العامة.
الفلسطينيون في صدارة الاستهداف
في هذا السياق، نبهت منظمات حقوق رقمية فلسطينية إلى أن تاريخ المراقبة الإسرائيلية يظهر تركيزًا أساسيًا على الفلسطينيين، سواء داخل الخط الأخضر أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، واعتبرت أن توسيع هذه الصلاحيات يجعل القانون أداة قابلة للتسييس والقمع، بما يهدد حرية التعبير، ويقيد العمل الصحفي والنشاط المدني، ويُستخدم للضغط والملاحقة.
تحذيرات دولية من فوضى تقنيات المراقبة
دوليًا، تتقاطع هذه الخطوة مع تحذيرات متكررة أطلقتها منظمة العفو الدولية بشأن الاستخدام غير المنضبط لتقنيات المراقبة، مؤكدة أن العديد من الحكومات توظفها لقمع المعارضين والصحفيين والأقليات، في خرق صريح للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما تظهر دراسات تقنية حديثة أن أدوات الاختراق المتقدمة باتت تهدد الخصوصية والأمن الرقمي حتى في دول تصنف ديمقراطية بسبب غياب الشفافية وتوسع دوائر الاستهداف لتشمل أشخاصًا غير مشتبه بهم.
من الداخل إلى الخارج
ويأتي تمديد القانون ضمن سياق أوسع من تصاعد منظومة التجسس الإسرائيلية، بالتزامن مع تحذيرات أمنية واسعة أطلقتها شركتا غوغل وآبل لملايين المستخدمين في أكثر من 150 دولة، من بينها مصر والسعودية، بشأن هجمات "مدعومة من دول" باستخدام برمجيات تجسس متطورة مرتبطة بشركات إسرائيلية، وتشير تقارير تقنية إلى استخدام هذه الأدوات في استهداف نشطاء وصحفيين، ما دفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على بعض الشركات العاملة في هذا المجال.
تطبيع المراقبة كأداة سياسية
ويرى مراقبون أن الجمع بين تشريعات الاختراق داخليًا واستمرار تصدير تقنيات التجسس خارجيًا يعكس توجّهًا إسرائيليًا واضحًا نحو تطبيع المراقبة الرقمية كأداة سياسية وأمنية، ولا يقتصر هذا التوجه على الفلسطينيين فحسب، بل يمتد ليشكل شبكة رقابة عابرة للحدود تمس الفضاء الرقمي العربي على نطاق أوسع.
