تشهد الحدود الشرقية لإسرائيل حالة استنفار غير مسبوقة، بعد تقارير إسرائيلية تتحدث عن تصاعد تهديدات إيرانية تعيد إلى الواجهة خطة قاسم سليماني القديمة لإحاطة إسرائيل بـ"حلقة مزدوجة من النار"، وبين إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي، وتحذيرات من اختراقات محتملة عبر الأردن وسوريا، يبدو أن المنطقة تقف على أعتاب مرحلة حساسة قد تعيد رسم خريطة الصراع في الشرق الأوسط.
تهديد إيراني يتجدد على الحدود الشرقية
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل رصدت في الفترة الأخيرة ما تصفه بـ"تهديد إيراني متنامي" على حدودها الشرقية، مؤكدة أن طهران لا تزال متمسكة بالخطة التي بدأها قاسم سليماني قبل مقتله عام 2020، والتي تقوم على تطويق إسرائيل بمنظومة من الصواريخ والطائرات المسيرة وقوات برية متحالفة، في إطار مشروع يمتد حتى عام 2040 يهدف – بحسب الرؤية الإسرائيلية – إلى شل قدرات الدولة العبرية في أي مواجهة عسكرية واسعة.
تحركات ميدانية إسرائيلية وإعادة تموضع للجيش
وتشير الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل في إعادة نشر قواته على طول الحدود الشرقية، حيث تمت إعادة تشغيل مواقع عسكرية قديمة كانت مهجورة، بالإضافة إلى تشكيل خمسة ألوية جديدة من جنود الاحتياط لتعزيز القوة الدفاعية في تلك المنطقة.
وتقود المسؤولية في الشمال الشرقي حالياً "فرقة جلعاد"، وهي وحدة عسكرية حديثة التأسيس تتبع للمنطقة المركزية وتهدف إلى حماية كامل القطاع الشمالي الممتد بمحاذاة الأردن.
وفي المقابل، يبقى الجزء الجنوبي من الحدود تحت إشراف فرقة إدوم 80 التابعة للقيادة الجنوبية، وهي المكلفة بمتابعة أي تحركات عبر الحدود مع الأردن.
الأساس الاستراتيجي للمفهوم الدفاعي الجديد
بحسب التقرير، يقوم المفهوم الدفاعي الجديد الذي تعتمده إسرائيل على رؤيتين رئيسيتين:
الرؤية الأولى: استمرار الخطة الإيرانية القديمة
إيران – وفق التقييم العسكري الإسرائيلي – لم تنسحب من مشروع "حلقة النار المزدوجة"، التي تقوم على:
- تطويق إسرائيل بالصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.
- استخدام الطائرات المسيّرة الهجومية بكثافة.
- دعم مجموعات برية يمكنها التسلل في التوقيت الحاسم.
وترى إسرائيل أن هذه الخطة لم تدفن بمقتل سليماني، بل يعاد إحياؤها بأساليب جديدة عبر وكلاء طهران في المنطقة.
الرؤية الثانية: هجوم حماس 2023 قلب الحسابات
تحمل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 مسؤولية تغير خريطة التهديد، إذ أدت – بحسب التقدير الإسرائيلي – إلى فتح الأردن كمسار محتمل لعمليات هجومية، وجعلته نقطة حساسة ضمن أي سيناريو مستقبلي للمواجهة مع إيران.
ميليشيات عراقية وحوثية
وتذهب الصحيفة إلى أن أخطر ما تواجهه إسرائيل اليوم هو إمكانية تنفيذ هجوم مباغت عبر الأراضي الأردنية أو جنوب سوريا، تقوده ميليشيات عراقية شيعية مدعومة من إيران، إلى جانب الحوثيين القادمين من اليمن.
وتتحدث التقارير عن سيناريو واقعي تتوقعه إسرائيل يتمثل في:
- انطلاق مجموعات مسلحة من العراق بسرعة عالية عبر سيارات "بيك أب".
- عبورها الأراضي الأردنية في ساعات قليلة، مع إمكانية تجاوز القوات الأردنية وإرباكها.
- الوصول إلى المعابر الحيوية مثل جسر اللنبي وجسر آدم.
- محاولة تنفيذ عملية تسلل واسعة باتجاه غور الأردن أو الوصول نحو القدس.
وتشير وسائل إعلام لبنانية مقربة من حزب الله إلى وجود غرفة عمليات مشتركة لهذه القوى في بغداد والأردن، تضم نحو 8 آلاف عامل أجنبي من أصول يمنية، يُعتقد أن مئات منهم مرتبطون بالحوثيين.
مخاوف إسرائيل من مواجهة وشيكة مع إيران
تتزامن هذه التطورات مع موجة تقارير تتحدث عن احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران وإسرائيل، في ظل ارتفاع وتيرة التصريحات المتبادلة، تحذيرات دبلوماسيين أوروبيين من اقتراب "ضربة إسرائيلية" لإيران خلال عام، وتزايد إنتاج إيران للصواريخ الباليستية وفق تقارير استخباراتية.
وتعتبر إسرائيل أن أي تصعيد على الحدود الشرقية قد يكون مقدمة لمواجهة أكبر في عدة جبهات.
لماذا تحتاج إسرائيل إلى قوات احتياط جديدة؟
أوضحت الصحيفة أن السبب الأساسي في إنشاء وحدات احتياط جديدة هو العجز العددي في القوات الميدانية، خصوصاً بعد عام صعب شهد مواجهات متعددة في غزة والشمال.
وكان رئيس الأركان السابق هاليفي قد أرجأ تطبيق الخطة الدفاعية الجديدة مطلع 2024 بسبب عدم توفر القوات المطلوبة، إلا أن المستجدات الأخيرة دفعت الجيش لتسريع التنفيذ.
