بقلم:علاء مطر
من زاوية بعيدة، فلسطينية وطنية، نشعر أن العامل المشترك عند الفلسطيني مخلصٌ في صورة فادي وشحه عند إصابته، كلما نتذكر أن قضيتنا خفّ بريقها نجد أمثال فادي يملئ نفوسنا ثقة وتشعرنا أن التحرير أصبح قريب أكثر من أي شيء، حقًا.. تبعث فينا معاني الثبات، وتعلمنا فلسفة الصمود، وتدرسنا العناد على الحق.
تمر بنا الأيام، وتسرق من أنفاسنا العمر، تتغيرُ العوالم حولنا، ويبقى أمثال فادي هم الأحياء الذي لا يتغيرون، كيف لا.. وتفاصيل وجهه وثباته تبصر القدس من بعيد.
في العموم عند النظر لأي صورة تختلج في صدورنا مشاعر مختلفة، منها ما نفرح لبهجتها، وأخرى نحزن لقسوتها، وغيرها نغضب لعدم إنسانيتها، وليس في النهاية ما نصمت عند رؤيتها أحيانًا لأنها لا تستحق الكلام وعلى النقيض لأنها تستحق كل الكلام، وإن كان في الغالب أشياء تفسد إن قيلت.
فادي.. عاش أسيرًا مصابًا مطاردًا، عاش يخشى أن يكون شخصًا عاديًا أكثر من خشيته من الموت، طبّقَ فلسفة أن قيمة الإنسان بما يقدمه، رفض أن يكون رقمًا، وُلِدَ مرةً واحدة، وولدت معه القدس بداخله، وجعلَ لكل غاصب ميلاد جديد عند رؤيته.
رَحَلَ فادي وتركَ سيرة سيتذكرها أجيال وأجيال يكملون الدرب من بعده، تركَ في صورته الأخيرة إرثًا كبيرًا ثقيلًا على من يريد تفسيره، وهل يستطيع أحد أن يفسر شخصًا صنع عالمه الخاص بنفسه؟!
وهل يستطيع أحد أن يفسر شخصًا منح لنفسه الحرية في حياته واستشهاده؟! وقد لا أبالغ حين أقول أنه منح الحرية لنفسه ولكل فلسطيني من بعده.