البوابة 24

البوابة 24

المطلقة بين القانون و العرف

المحامي مؤمن الناطور
المحامي مؤمن الناطور

بقلم: مؤمن الناطور

أشوفها أرملة ولا أشوفها مطلّقة
أشوفك في المقبرة ولا أشوفك مطلقة

هذه الأمثال يا سادة لا زالت تتردّد على ألسنة الأهالي، و نحن اليوم في القرن ٢١ و العام ٢٠٢١ ميلادية و العام ١٤٤٢ هجري..

نؤمن بوجود القانون، عندما يرى القوي مصلحةً له في هذا القانون، ولا يؤمن بوجوده ولا أحكامه عندما يحتاج الضعيف هذا القانون.

ما دفعني لكتابة مقالي هذا، هو أنني رأيت اليوم حادثة قتل لسيّدة متزوجة اسمها استبرق على يد زوجها (الذكر)، فلا يوجد رجل على وجه هذه البسيطة يقوم بتعنيف امرأة، ولا يوجد رجل يستقوي على مَن هو أضعف منه..

كم حل قدّمنا للأهالي (من حيث ترك العادات و الموروث الجاهلي و اللجوء للقانون) ليحموا النساء من سطوة الذكر الهامل؟!

كم مرة قلت أن الكره إذا استحكم في قلب المرأة ضد زوجها، لن تحبه بعدها و لو أعطاها حب النبي عليه الصلاة و السلام لعائشة رضي الله عنها .. لأن الأوان قد فات.

المرأة تحاول و تحاول و تحاول و تحاول حتى تستنفذ كل محاولاتها ثم تكره .. و إن كَرِهَت، لو شفعت لك كل قوى الأرض لن تبقى معك إلا غصباً..

خليكي في بيت زوجك عشان أولادك ... كلام الناس يا بنتي، شو يقولوا بنتي مطلقة؟!

هذه الأفكار تقوم على قتل حياة شخص مقابل " محاولة " إنقاذ غيره ... مَن الذي منحك حق التصرف بحياة غيرك؟!

لا ترموا بناتكم إلى الهلاك، خوفاً من المجتمع و نظراته و أفكاره .. لا ترموهم خوفاً من مسؤوليتهم، فإن ضربت المجتمع و نظراته في عرض الحائط و أعدتها للذي أهانها و عنّفَها و شتمها و في بعض الحالات (اغتصبها)، سأعلم أنك تتهرّب من المسؤولية، و لم تكن في يوم من الأيام على قدر المسؤولية، و أن هذه البنت قد ظُلِمَت عندما كنت أبيها أو أخيها.

أعلم أن أبغض الحلال عند الله الطلاق .. لكن ما الفائدة من بيت لم يقُم على المودة و الرحمة؟، ما الفائدة عندما تترك رجل و امرأة في بيت مهدوم أركانه يُبدِع كل منهما في الإجرام بحق الآخر؟!

كفاكم استهتاراً بحياة بناتكم يا أمة قد ضحكت من جهلها الأمم، كفى تخلفاً و ضياعاً .. إن أتتك ابنتك مُهانة و كارهة لا تتوانى لحظة في أن تذهب بها إلى المحكمة الشرعية و تُطالب بحقوقها الشرعية من ذاك المكروه، لا تتهاون في أن تقوم برفع قضية الشقاق و النزاع ضد هذا المكروه.

إن كانت قد تعرّضت للعنف إذهب بها إلى المشفى و قم بعلاجها و كتابة تقرير طبي و توجّه بشكوى ضده في النيابة العامة.

لا تتهاون في أن تضمن لها حقوقها في أبنائها من حضانة و نفقة، و لاحقاً إن تزوجت تطالب معها بحقها في رؤيتهم و مشاهدتهم بدون حرمان.

ارموا أنفسكم في حِجر القانون، و انسوا الطلاسم و التخلُّف الموسوم بالأمثال القديمة، و انسوا عادات و حَمِيّة الجاهلية الموبوءة، دعوا العرف فقط للمجالس، و اتركوا للقانون مجاله.

لا تضيعوا حق بناتكم ... كفاكم.

رَحِمَ الله استبرق، و غَفَرَ لأهلها، و انتقم من زوجها، و حمى أبناءها.

البوابة 24