في السعي المستمر لمحاربة الفيروس اللعين كوفيد -19 نجد العالم كله على قدم وساق بين الأبحاث والإكتشافات وتطوير العلاجات واللقاحات لمحاربة تفشي هذا الفيروس .
رغم تخوف البعض من اللقاحات إلا أننا نجد معظم العالم قد توجه لأخذ اللقاحات ولكن ما نستغرب منه هو ظهور ظاهرة الدمج بين اللقاحات وهو أمر قد يثير القلق لدى المعظم وهل الدمج ممكن أن يفيد في تقوية المناعة وخلق أجسام مضادة لفترة أكبر أم أنه قد يكون له مضاعفات لا يُحمد عقباها
ففي أحدث التقارير التي تم نشرها مؤخراً في ألمانيا أشارت دراسة الى أن المزج بين لقاحي "فايزر-بيونتك" (Pfizer-BioNTech) و"أسترازينيكا-أكسفورد" (AstraZeneca-Oxford) قد يؤدي إلى تقوية المناعة أكثر من الاعتماد على أخذ لقاح واحد فحسب.
نقدم لكم اليوم في البوابة 24 ماذا نعني باللقاحات المختلطة؟ وما دورها في خلق مناعة أكبر ضد فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19″؟ وما دور المناعة الطبيعية في الوقاية من كورونا؟
اولاً : اللقاحات المختلطة ومدى نجاحها
اكتشف باحثون في جامعة سارلاند (Saarland University) غربي ألمانيا، أن الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا والجرعة الثانية من لقاح فايزر-بيونتك، كانت مناعتهم أقوى من الذين حصلوا على الجرعتين من لقاح واحد بعينه، وفقا لتقرير نشرته دويتشه فيله.
وقبل الإعلان عن النتائج بشكل رسمي، يعتزم الباحثون في جامعة سارلاند النظر في عوامل تتمثل في السن والجنس، وأيضا على سبيل المثال دراسة ما اللقاحات المختلطة التي قد تؤدي إلى آثار جانبية خطيرة. وعبّر الفريق الذي قام بالدراسة عن تفاجئه إزاء نتائجها رغم أن التقييم الكامل لما خلصت إليه لم ينته بعد.
وقالت مارتينا سيستر أستاذة زرع الأعضاء والمناعة المعدية في جامعة سارلاند، إن هذا يعد السبب وراء "رغبتنا في مشاركة النتائج التي توصلنا إليها الآن وليس الانتظار حتى انتهاء عملية التقييم العلمية".
ثانياً:اللقاحات المختلطة و تزايد الأجسام المضادة
شارك 250 شخصا في التجارب التي أجريت في المستشفى الجامعي في سارلاند خلال الشهور القليلة الماضية، إذ تلقى البعض منهم الجرعتين من لقاح أسترازينيكا، وتلقى آخرون الجرعتين من لقاح فايزر-بيونتك، في حين تلقت المجموعة الثالثة جرعة من أسترازينيكا ثم كانت الجرعة الثانية من فايزر-بيونتك. وأجرى الباحثون مقارنة بشأن قوة الاستجابة المناعية للمشاركين في التجربة بعد تلقيهم الجرعة الثانية من اللقاحات بأسبوعين.
وأوضحت سيستر "لم ننظر فقط في أعداد الأجسام المضادة ضد فيروس كورونا التي تطورت داخل أجسام المشاركين، وإنما أيضا في فعالية ما يطلق عليه الأجسام المضادة المعادلة". وأضافت "هذا الأمر يخبرنا بمدى قدرة هذه الأجسام المضادة في منع الفيروس من الدخول إلى خلايانا".
وفيما يتعلق بتطوير الأجسام المضادة، فقد ثبت أن التطعيم بجرعتين من لقاح فايزر والتطعيم باللقاح المختلط بين أسترازينيكا وفايزر أكثر فعالية بشكل ملحوظ من التطعيم بجرعتين من لقاح أسترازينيكا وحده. وكشفت الدراسة أن الأشخاص الذين حصلوا على لقاح مختلط أنتجوا أجساما مضادة أكثر بعشرات الأضعاف عن الأشخاص الذين حصلوا على الجرعتين من لقاح أسترازينيكا.
وقالت سيستر إنه بالنظر إلى الأجسام المضادة المعادلة، فإن نتائج إعطاء مزيج من لقاحين متطابقين "كان أفضل قليلا" حتى من إعطاء جرعتين من لقاح بيونتك. يشار إلى أن السلطات الصحية توصي بأخذ الجرعة الثانية من لقاح الجرعة الأولى نفسه.
ثالثاً:رأي منظمة الصحة العالمية بخلط التطعيمات
ورغم أن النتائج الأولية واعدة، فإن منظمة الصحة العالمية لا تزال توصي بعدم الخلط بين اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. وقالت المتحدثة باسم الصحة العالمية مارغريت هاريس إنه لا توجد حتى الآن بيانات كافية لتقييم وحسم ما إذا كان هذا النهج الخاص باللقاحات المختلطة آمنا للصحة.
رابعاً: ما دور المناعة الطبيعية المكتسبة بعد الإصابة في الوقاية من كورونا؟
أظهرت دراسات أن المناعة الطبيعية منتشرة بشكل كبير، وتستمر لوقت طويل. وإذا كنت قد أصبت سابقا بفيروس كورونا، فإن جرعة واحدة من اللقاح تكفيك.
وقال البروفيسور مارتي ماكاري، في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) الأميركية، إن الأخبار بشأن الوباء في الولايات المتحدة تبدو أفضل من أي وقت مضى، إذ إن حوالي 80% إلى 85% من البالغين الأميركيين يتمتعون بالحصانة ضد الفيروس، حيث إن 64% منهم تلقوا على الأقل جرعة واحدة من اللقاح، وأولئك الذين لم يتم تلقيحهم بعد، نصفهم تقريبا يتمتعون بمناعة طبيعية بسبب إصابتهم سابقا بالعدوى.
وحسب التقارير المنشورة هناك أدلة علمية قوية وكثيرة على فعالية واستمرارية المناعة الطبيعية، ولذلك فإن مسؤولي الصحة في دول العالم يجب أن يهتموا بهذا الموضوع. وخضع حوالي 10% فقط من الأميركيين لاختبار فيروس كورونا وجاءت نتيجته إيجابية، ولكن 4 أو 6 أضعاف هؤلاء ربما يكونون قد أصيبوا به.
وبينت دراسة علمية نشرت في فبراير/شباط الماضي في مجلة نيتشر (Nature) واعتمدت على فحص الأجسام المضادة لدى السكان في أواخر الصيف الماضي، أن العدد الحقيقي للمصابين كان 7 أضعاف عدد من خضعوا بشكل رسمي لاختبار جاءت نتيجتها إيجابية.
وأجريت دراسة مماثلة في قسم الصحة العامة في نيونيورك، شملت الشهر الأول فقط من تفشي الوباء، وبينت أن 23% من سكان المدينة يحملون الأجسام المضادة، وهي نسبة بالتأكيد تزايدت بمرور الوقت.
وأكدت التقارير أن مساهمة المناعة الطبيعية يجب أن تستغل لتسريع وتيرة العودة للحياة الطبيعية. وبما أن هنالك أكثر من 80% من البالغين يتمتعون بالحماية ضد الإصابة أو نقل الفيروس، فإن كورونا على الأرجح لن تنتشر من خلال الانتقال من شخص لآخر.
وكما هو معروف في مجال الصحة العامة يسمى هذا مناعة القطيع، وهو مفهوم تم تعريفه بأنه "عندما تكون غالبية السكان تتمتع بالمناعة. وهو لا يعني القضاء على الفيروس إلا أنه سلاح فعّال".
وبشأن السؤال عن حاجة المصابين سابقا للتلقيح،فإن النصيحة الأفضل بالنسبة للمرضى الذين يتمتعون بصحة جيدة ومناعة طبيعية هو أن جرعة واحدة من اللقاح تكفي، وحتى تلك الجرعة قد لا تكون ضرورية، رغم أنها قد تعزز مدة المناعة على المدى الطويل.