بقلم:أشرف صالح
لا يختلف اثنان أن المقاومة حققت ضربات متوازية مع ضربات الاحتلال , وحققت نوع من الندية من الممكن أن نساوم من خلالها على بعض الأشياء المهمة , وحققت وحدة جغرافية وسياسية وعسكرية وشعبية , وأنا شخصياً كنت أتمنى أن نساوم الاحتلال على السماح بإجراء انتخابات في القدس , فعلى الأقل كنا سنخرج كفلسطينيين بأهم مكسب في حياتنا , وهو الديمقراطية التي ستخرجنا من مستنقع الانقسام , ولكن وللأسف من الواضح أن الانتخابات لم تكن في الحسبان , ورغم ذلك أيضاً انتهت الحرب ولم نحقق شيء بعد وذلك على اعتبار أن المنتصر يخرج من المعركة بمكاسب مادية وملموسة "غنائم الحرب" , ومن هنا فيجب أن نفرق بين الانتصار الذي ينتظره الشعب وبين الانتصار الذي تريده الفصائل , وفي نهاية الأمر لم يقبل الشعب انتصارا وهمياً حتى لو كان معنوياً بالنسبة للمقاومة , لأن الشعب هو صاحب الأرض المراد تحريرها , أو على الأقل الشعب أيضاً هو صاحب الغنائم والتي من الممكن أن تنتزعها المقاومة من الاحتلال بالقوة .
إذا كان الانتصار الذي تتغنى به الفصائل يقتصر على الانتصار المعنوي , فهذا يعني أننا منتصرين منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين وثورة البراق والثورة الكبرى مروراً بالاحتلال الإسرائيلي ومقاومتنا له ووصولاً بأخر عملية طعن أو دهس بالضفة الغربية قبل أيام وربما قبل ساعات , فكل هذه الأحداث تعتبر ضربات قاسية للاحتلال , ولا تقل قساوة عن الحروب الأربعة على غزة , ولكن إذا كانت الفصائل تقصد أن الانتصار مادي فعلياً , فعليها أن تقدم الغنائم الذي اكتسبتها بعد انتهاء الحرب , فبات من المعروف أن الغنائم المتعلقة بحروب غزة وبحسب أدبيات الفصائل , هي تحسين الوضع الاقتصادي وفتح المعابر وإدخال الأموال , ورغم ذلك لم نرى منها شيء يذكر .
إن الخاصية التي حملتها الحروب الأربعة على غزة , هي أنها حروب كالمواسم التجارية التي تقبل الربح والخسارة , ولكنها لا تقبل العودة الى رأس المال الأساسي , بمعنى أن الحروب على غزة إذ لم تحقق مكاسب مادية تتمثل في تحقيق مطالب , فهي ستنتهي بخسائر قد تعيدنا الى الوراء سنين طويلة , فعلى سبيل المثال برج الجلاء كان قائماً قبل الحرب وأصبح كوم تراب بعد الحرب , ففي الوضع الطبيعي أن يتم بنائه كأمر بديهي وبدعم من فاعلي الخير , بجانب تحقيق مكسب إضافي جديد مثل بناء ميناء أو مطار أو منطقة صناعية , أو إدخال 50 مليون دولار بدلاً من 30 مليون , ولكن للأسف إسرائيل حولت قضية إعمار غزة لملف سياسي يحتاج لتفاوض من جديد , وربطته بملف صفقة الأسرى , وأصبحنا بذلك في موسم الخسارة لأن إسرائيل ربطت تعويض الخسارة بالمربح المرتقب , وأصبحت المعادلة كالتالي : إذا لم نربح فسنخسر ونعود للوراء .
ليس عيباً أن نواجه دولة نووية وكيان مغتصب بصدورنا العارية , فهذا قدرنا في الحياة , ولكن العيب أن لا نقول الحقيقة ونحن أولى الناس بها , وأحوج الناس إليها , الحقيقة التي تضع النقاط على الحروب , الحقيقة التي لا تخدع ولا تضلل ولا تشتت الأفكار , فنحن لا زلنا في مرحلة التحرر , وهذه المرحلة تتطلب أن نحسب كل شيء بالدقة , نحسب ماذا كسبنا وماذا خسرنا , نحسب بماذا نجحنا وبماذا أخفقنا , نحسب إذا انتصرنا فعلياً وكسبنا غنائم الحرب أم عدنا الى الوراء , نحسب الفرق بين الانتصار المادي والانتصار المعنوي , فإذا كانت الفصائل بحاجة الى الانتصار المعنوي , فالشعب أيضاً بحاجة الى الانتصار المادي .
كاتب ومحلل سياسي