الاحتلال يواصل الاقتطاع من أموال المقاصة.. ما مصير الرواتب بالأشهر المقبلة؟

شواكل
شواكل

فلسطين - خاص البوابة 24

تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي، قرصنتها على أموال المقاصة الفلسطينية، التي تعتبر حق مشروع للشعب الفلسطيني بموجب الاتفاقيات الدولية، وذلك بعد اقتطاعها مؤخراً مبلغ 100 مليون شيكل بزعم أنها مخصصة لعوائل وأسر الشهداء والأسرى.

قال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية: إن "إسرائيل خصمت 100 مليون شيكل من الأموال المستحقة لنا من الضرائب هذا الشهر، بحجة أننا ندفع لأسر الشهداء والأسرى"، مطالبًا بأموال الضرائب كاملة وهذا الإجراء غير شرعي وغير قانوني ويضعنا في موقف مالي صعب.

وقد يؤثر استمرار اقتطاع حكومة الاحتلال الإسرائيلي من أموال المقاصة الفلسطينية، على كل مناحي الحياة، وتجعل الحكومة الفلسطينية غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، وعلى رأسها رواتب الموظفين.

السؤال هنا، كيف سيكون وضع رواتب الموظفين الفلسطينيين في الأشهر المقبل في حال استمرار الاقتطاع من أموال المقاصة؟ وهل ستستمر الحكومة في الاقتراض من البنوك لكي توفر رواتب الموظفين؟

أكد الدكتور نائل موسى، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، لموقع "البوابة 24"، أن الحكومة الفلسطينية من الناحية العملية تواجه أزمة في توفير رواتب الموظفين في الأشهر المقبلة، لافتاً إلى أن هذه الازمة جزئية، أي الاقتطاع هو جزء من أموال المقاصة وليس تأخير أموال المقاصة كما كان يحدث في السابق.

وقال موسى: "الحكومة الفلسطينية أمام معضلة كبيرة، والاقتطاع من أموال المقاصة، قد تؤدي إلى عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بكل التزاماتها، وإنما جزءاً منها فقط".

وفيما يتعلق بالبنوك، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، أن هناك علاقات بين البنوك والحكومة، للاقتراض، لافتاً إلى أن البنوك تحصل على فوائد من هذا الاقتراض، حيث أن المشكلة تكمن عند الحكومة، لأن بند النفقات التحويلية لديها سيزداد، وبالتالي تضعف قدرتها على الاستمرار في أداء مهامها.

وفي السياق، قال موسى: "قد تضطر الحكومة إلى تخفيض النفقات التي تذهب إلى الشؤون الاجتماعية، لكي تفي بالتزاماتها تجاه البنوك"، معتبراً أن الاقتطاع من أموال المقاصة، نوع من القرصنة، لأنه عملياً فإن تحويل هذه الأموال إلى السلطة الفلسطينية هو ضمن اتفاق باريس الاقتصادي وموجود بشكل واضح، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن إسرائيل تتقاضى نسبة 3% على تحصيل الضرائب.

وأشار إلى أنه إذا لم تستطع الحكومة الفلسطينية الحصول على الإيرادات من البنوك، فسيعاني الموظفون في الأشهر المقبلة، فقد يحصلون على نص الراتب.

بدوره، أكد الدكتور أسامة نوفل، المختص في الشؤون الاقتصادية، لموقع "البوابة 24"، أن اقتطاع 100 مليون شيكل من أموال المقاصة، يؤثر بشكل سلبي على الموازنة العامة وأداءها، لافتا إلى أن هناك عجزاً في هذه الموازنة بقيمة مليار و200 مليون دولار.

وقال نوفل: "جاء هذا الاستقطاع ليؤثر سلباً على الموازنة، فإذا علمت أن السلطة الفلسطينية لجأت إلى البنوك لتغطية رواتب الموظفين والعجز، فهذا كذلك يؤثر سلباً على قدرة الاستدامة في ذلك، لأن البنوك لا تحتمل بأن تزداد عملية الاقتراض".

وأضاف: "اليوم بلغ حجم الاقتراض من البنوك 2.3 مليار دولار، وبالتالي هي مبالغ مرتفعة جداً، حيث أن السلطة الفلسطينية للأسف الشديد رضخت لرغبات الاحتلال المتعلقة في اقتطاع مبلغ 100 مليون شيكل من أموال المقاصة، حيث أنه سيتم استقطاع مبلغ 50 مليون شيكل شهرياً، وهي قيمة رواتب أسر الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين".

وتابع نوفل: "في الماضي امتنعت السلطة الفلسطينية عن استلام أموال المقاصة بسبب هذا الاقتطاع، أدى إلى انهيار في مرافق الحياة الخاصة للسلطة الفلسطينية، حيث تراجعت قدرتها على توفير الرواتب، ولكن رضخت بعد ذلك إلى هذا القرار واستلمت الأموال منقوصة، وبالتالي هي مستمرة في عملية تلقي المقاصة بعد الاستقطاع، وستشهد الأشهر المقبلة مزيداً من الاستقطاعات المختلفة".

في السياق، أكد المختص في الشأن الاقتصادي، أن الجزء الأكبر من موازنة السلطة الفلسطينية يذهب إلى رواتب موظفيها، وبالتالي أي عجز في الإيرادات العامة سينعكس سلباً على قدرة السلطة في توفير الرواتب، لافتاً إلى أنها وضعت في مقدمة أولوياتها رواتب الموظفين، وبالتالي هي توجه الانفاق الأكبر نحو الرواتب، حيث أن أكثر من 60% من نفقات السلطة يذهب إلى الرواتب.

وقال: "اتبعت السلطة إجراءات جديدة، منها تأخير حقوق القطاع الخاص وتأخير سداد الديون إلى البنوك، من أجل توفير فاتورة الرواتب، ولكن إمكانية استدامة الاقتراض من البنوك ستكون صعبة جداً، خاصة في ظل أن الانفاق العام في السلطة لم ينخفض سوى عندما قامت السلطة بتقليص نفقاتها عن قطاع غزة".

وأضاف نوفل: "السلطة الفلسطينية تلجأ دائماً إلى البنوك من أجل تعويض العجز في الموازنة العامة، لأن الاقتراض من الخارج صعب، بالإضافة إلى أن السلطة اعتمدت أن البنوك هي فلسطينية بأغلبها، وبالتالي استدانت منها، ولكن هذه الاستدانة وصلت إلى الحد الأقصى، فمن الصعوبة المواصلة فيه".

وتابع: "السلطة طرحت أفكاراً جديدة، لكن صعب أن تلقى القبول، أهمها طباعة سندات خزينة، وهذا يحتاج إلى الثقة، وبالتالي المواطن لا يثق بالقدرة المالية للسلطة، حيث أنه إذا استمر الاحتلال من استقطاع المزيد من إيرادات السلطة، فستنشأ مشكلة كبيرة، كما أن الحصول على المساعدات الخارجية أصبح صعباً".

البوابة 24