البوابة 24

البوابة 24

"لأوكسيتوسين" وجز العشب

الكاتب
الكاتب

بقلم محمد أحمد سالم

الإمبراطور الفيلسوف "ماركوس أوريليوس" ، يعبر عن الفكرة قائلا : "أن الاضطراب يأتي فقط من الراي الداخلي ، ما الذي يجعل احتمالات القتل او المجاعة أو التعرض للموت أمرا سيئا ؟ المعتقدات لديك حول الاخر ".

 هناك قصة معروفة  قيلت خلال اجتماع جولدا مائير بعدد من الكتاب الاسرائيليين عام 1970م ، حينما عرض عليها كاتب بولندي انطباعه عن فلسطين بعد زيارته لها قائلا: " العروس جميلة ولكن لديها عريس" فأجابته بغطرسة : " وأنا أشكر الله كل ليلة لأن العريس كان ضعيفا ، وكان من الممكن أخذ العروس منه"! وبالتالي .ليست تسيبى ليفنى وحدها من تحملت وطء الرجال لصالح الدولة العبرية.. هناك من تحمل هذا وأكثر لصالح إسرائيل .حاليا " شكيد" و حوار جز العشب. لتكتسب سمعة شعبية بحرق النساء والاطفال  لتوفير شعبية و مصدر للمنصب مقابل، جثث الرجال  والنساء , والاطفال الذين شوهتهم نيران الحرب، وحولتهم الى حطام و خراب غير أنساني .

 

وزيرة الداخلية الإسرائيلية " أيليت شاكيد" تطالب الحكومة الإسرائيلية بتطبيق سياسة "جز العشب" في قطاع غزة ، نقلت قناة كان عن الوزيرة الإسرائيلية قولها :" بعد عملية عسكرية كبيرة هناك حاجة لتطبيق سياسة "جز العشب" المتمثلة بتنفيذ هجمات متلاحقة! حيث دعت الإسرائيليين إلى تدمير المدن والقرى الفلسطينية "وكل ما فيها من بنى تحتية"، ودعت إلى قتل الأمهات الفلسطينيات وأطفالهن، وعدم إبقاء أثر منهم، مبررة نداءاتها عبر حسابها في (فيسبوك) آنذاك بأن "الشعب الفلسطيني كله عدو لإسرائيل"، على حد تعبيرها. إنّهم جميعاً أعداء ودماؤهم يجب أن تكون على رؤوسهم". جز العشب مرة اخري! العودة للكلمات النازية البغيضة؟

 

أعتقد أن علم الأحياء- علم النفس-  قد يساعدنا على فهم لماذا تبدو تلك التصريحات ضد  الأخلاق والانسانية او قد يتطلب ذلك زيادة الثقافة الإنسانية، وضد التصريحات المنحرفة الوحشية؛ لماذا تدعو سيدة للقتل الجماعي؟ كيف تم إقناعاها بما تقول؟ هل فكرت معنى وجدوى العمل الاجرامي الذي تقوم به حكومتها المتعاقبة ؟ هل تملك أصلًا عقلًا يفكر؟ علامات استفهام كثيرة وكبيرة تحتاج إلى إجابات دقيقة ومحددة. وهل العالم الأنثوي الاكثر ذكاءً ، والاكثر انسانية من خلال تجربة الامومة الدافئة والآمنة ؟ ولكن ما هو الخير الذي يمكن أن يأتي في توجيه التهديدات والتحريض على ابادة شعب كامل؟ وما هو البديل الذي يقدمه نازي العصر؟ ما الذي يعفيهم من كونهم ما هو عليه الان ؟ ام التصريحات المتطرفة والمواقف العنيدة، تتطلب نوع من الانحراف العنيد الذي يصدر في الغالب من الرجال! لكن من اجل اثبات الذات - غالبًا - ما قيل أن هذه كانت مسألة فرضية - حيث لم يُسمح للمرأة بتطوير إمكاناتها الحقيقية بسبب سيطرة الذكور و المجتمع،و للمطالبة  بالاعتراف بعظمتها يجب تحقيق التفرد والعظمة من خلال التصريحات المرعبة بلا رحمة!  بمعني نحن لا نقتل نحن لا نكذب بل نبرر انفسنا فقط بعدد من الكلمات فتجعل المنصب الرسمي افضل واكثر وضوحا واستمرارية،  ويتذكرنا المجتمع الذكوري!!

 

 يتضح - غالبا-  ان الوزيرة الإسرائيلية لديها جانب مظلم ؛ فالقيام بأشياء مروعة لم يسبق لها مثيل في مملكة الحيوان مثلا: الزرافة لا تنشئ معسكرات الاعتقال ، والغزالة لا تفرض حصار على شعب وتقتل  النساء والاطفال ، لم يحدث أبد في كل التاريخ  أن تشعر الفيلة بأنها مضطرة للخلق العداء ، وحبس وإبادة عدد كبير من ابنا جنسها، فهذه الجرائم  خاصة بسياستك فقط و بشكل منفرد ، أن يكون الإنسان قاسيًا بشكل مروع ..لماذا؟ يبدو أننا يجب أن نواجه حقيقة مؤلمة.
 

يقول" Brian Har" خبير السلوك الحيواني " الآلية التى تجعلنا ألطف الأنواع ، تجعلنا أيضا أقسي الأنواع على كوكب الأرض" البشر حيوانات اجتماعية"، لكن لدينا عيب قاتل: نشعر بمزيد من التقارب مع أولئك الذين هم مثلنا فقط . يبدو أن هذه الغريزة مشفرة في الحمض النووي. وبالتالي انصح  بأخذ هرمون "الأوكسيتوسين" الذي عرفه علماء الأحياء منذ طويلة والذي يلعب دورًا رئيسيا  فى الولادة والرضاعة الطبيعية ؛ عندما اكتشفوا لأول مرة أن الهرمون مفيد ايضا لتقوية المشاعر الانسانية .كان هناك موجة من الاثارة حينها.

رش القليل من "الأوكسيتوسين" على نفسك ، واحصل على أفضل موعد على الاطلاق، فمستويات عالية منه تجعلنا اكثر لطفا واكثر استرخاء وهدوء .. انه يحول  حتي اكبر الوحوش الي جرو  برئ او عصفور لطيف. وهذا هو السبب في أنه يوصف في كثير من الاحيان بعبارات طريفة مثل " شراب العطف الإنساني" و يكون له دور فعال في  تقليل التصريحات الحيوانية .. لو لفترة محدودة ؛ لكن يا لخسارة.. بعد ذلك جاءت نشرة اخري؟ وجد الباحثون في جامعة امستردام . ان تأثيرات " الأوكسيتوسين" تبدوا مقصورة على مجموعة الفرد فقط ، لا يعزز الهرمون الانسانية  بين الناس فحسب ، بل يمكنه زيادة الشعور بالنفور والغضب  الحيواني لدى البعض ؛ واتضح ان "الأوكسيتوسين" لا يغذي النزعة الانسانية بل انه يغذي مشاعر النزعة العنصرية.

 

على كل حال .. إن الفكر الذي  يدعو للارتكاب جريمة ضد ضحايا أبرياء أطفالًا كانوا أو نساء وكهولًا، لم يتركبوا جرمًا، ولم يتقرفوا ذنبًا؛ حتى يتم الاعتداء عليهم على هذا النحو البشع، لا بد أن تكون بنيته العقلية  مختلفة عن عقلية البشر الأسوياء ومختلة، ليس معنى هذا أنها مريضة نفسيا تحتاج إلى تعاطف وعلاج، وإن كانت في الحقيقة لا تخلو من مرض .. هي في واقع الأمر لكائن بشري يمتلك عقلية متطرفة منغلقة ، شارك في صنعها آخرون .. فإذا كان هناك خبراء في تصنيع الأسلحة قاموا بتجهيز وسائل وادوات القتل الذي تستخدمه حكومتها، فلا شك أن هناك أشخاصًا ساهموا في تشكيل عقليتها المتطرفة، وتجهيز صاحبتها عقليًا ومعنويًا، كي تفجر هذه التصريحات الوحشية  بين الحين والاخر. إن من قام بتجهيز العقلية المتطرفة الإرهابية، لهو أشد خطرًا ممن قام بتجهيز القذائف والصواريخ, لقتل النساء والأطفال ..أمر خطير ، تشكيل العقول المتطرفة. وإقناع أصحابها بسهول القتل أمر خطير أيضًا .. ولكن مستويات الخطر تتفاوت من حيث الشدة المتلاعبون بعقول الناس وخاصة السيدات  يصبح  الخطرً اشد.


alhusam1973@gmail.com

البوابة 24