بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد
اسرائيل قاعدة على خازوق، مش عارفة تتململ لا يمين ولا شمال؟! لن تستطيع أن تواصل، في آن واحد، سياسة تهميش السلطة الفلسطينية من ناحية واللعب في مستقبل غزة من ناحية ثانية.
هذا الاستخدام ل غزة وصل إلى نهاياته، فهو لن يقدم حل سياسي وطني يرضي الفلسطينيين ولن يستطيع تقديم حلول اقتصادية واجتماعية ترضي أهل غزة. لا مناص أمام اسرائيل الا أن ترضخ للواقع والإرادة الدولية التي توافق إلى حد كبير على قيام دولة فلسطينية.
استمرار عدم الاستقرار في غزة سيحول غزة إلى منطقة خطرة تعرض امن اسرائيل واستقرارها للخطر وتكون قاعدة جذب لكل أعداء اسرائيل القوميين والدينيين. كما أن استمرار تجاهل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على القدس والضفة وغزة سيحول اسرائيل إلى دولة ابرتهايد في نظر العالم ويزيد من وزن الحركات المتطرفة والفاش.ية، القومية والدينية داخلها، مما سينعكس سلبا على المجتمع الإسرائيلي ويزيد من عزلة اسرائيل وتناقضها مع القيم الإنسانية والمجتمع الدولي ومؤسساته المدنية والقانونية.
سياسة السلطة الفلسطينية الواقعية بقيادة الرئيس ابو مازن تواصل تأثيرها الفعال في تعميق المأزق الإسرائيلي، هذه السياسية الواقعية المبنية على الصمود على الأرض وبناء المؤسسات والنضال الشعبي السلمي والحركة الدبلوماسية النشطة يجب أن تتواصل وتتطور وتتلافي كثير من الأخطاء وضعف الاداء وضعف الكفاءات.
ستواجه هذه السياسية الواقعية تحديات كثيرة، إضافة إلى التحدي الرئيسي مع اسرائيل وسياستها وإعلامها الذي يعمل ليل نهار من أجل تضليل الوعي الفلسطيني وإشاعة أن هذه السلطة الفلسطينية سلطة عميلة وضعيفة وأن نهجها لن يفيد الشعب الفلسطيني ولن يحقق طموحاته، وفي نفس الوقت تنفخ اسرائيل بطريقة مدروسة ومتواصلة في أشكال وممارسات فلسطينية أخرى لمعرفتها الأكيدة بعقم هذه الأشكال وانعكاسها السلبي على الحق الفلسطيني.
هناك ثلاث اطراف/تحديات داخلية
الأول، أصحاب التفاوض المباشر مع اسرائيل من أجل إقامة مشروع غزة، سيواصل هذا الطرف استخدام سياسة التضليل والتعمية التي تحرف وتشوه الوعي الوطني وتأخذه بعيدا عن وعي الواقع وتعقيداته واولوياته، وتقلل من شأن وأهمية قيام سلطة وطنية للشعب الفلسطيني، وتصفها بالتبعية والتنازل عن الحقوق التاريخية، في سبيل ذلك ستواصل هذه القوى ممارساتها على الأرض واستخدام المقاومة والسلاح الذي يطرب له الفلسطينيون كثيرا، إضافة إلى استخدام الدين وكل الشعارات القومية، المهم إسقاط مشروع الدولة الوطنية.
الثاني، أصحاب مشروع الالحاق العربي أو الإقليمي، الطرف الاول من هؤلاء يتمثل في عدد من أصحاب المصالح، من البرجوازية وبعض رموز العائلات والعشائر وممثليهم من المثقفين، هذا الطرف ضعيف ولا يشكل وزنا أو تأثيرا واسعا ولا يعلو صوته الا في حالة الضعف الفلسطيني.
وأصحاب مشروع الالحاق الإقليمي الذي يستخدم ما يسمى ب محور المقاومة من أجل تنفيذ سياسته ويرتكز في ذلك على التبعية والدعم الإيراني، لن يكتب لهؤلاء النجاح لان مشروعهم أصبح مكشوفا ولم يعد ينطلي على الجماهير، كما وانه يسجل فشلا متزايدا في مختلف مناطق الإقليم.
الثالث، وهو قد يكون الاهم ويحتاج إلى سياسة مبدعة في التعامل معه. هذا الطرف مكون رئيسي للاتجاه الوطني الفلسطيني، ضحى وقدم واحتل مواقع متقدمة في هذا النضال على مختلف الصعد السياسية والثقافية، وهو الذي نظَّر لكثير من الشعارات الوطنية القائمة على الحق المطلق ورفض الواقع ووصف ذلك بالهزيمة والاستسلام، ليس من السهل على هذا الاتجاه أن يعترف ويتعاطي بسهولة مع سياسة السلطة الواقعية، خاصة وأن هذه السياسة لم تقدم أشياء ملموسة على الأرض، من وجهة نظره، تتجاوب مع ما كان يناضل وينظر له هذا الاتجاه. لا ضير من مواصلة هذا الاتجاه معارضته لسياسة للسلطة، ويجب عدم النظر إلى هذه المعارضة على أنها تحريض ضد السلطة، كما يجب مواصلة التعامل مع هذا الاتجاه من منطلقات الشراكة الوطنية ومواصلة الحوار معه والالتزام بالقانون لأننا أصحاب مشروع وهم واحد. ليس من مصلحة السلطة ولا هذا الطرف الوطني مواصلة التناقض والمناكفة لأنه ليس في مصلحة أحد. يجب ألا ندفع هذا الطرف ليكون ذخيرة وذريعة تستخدمها الأطراف الأخرى المناوئة للمشروع الوطني، وفي نفس الوقت على هذا الطرف أن يتحلى بشيء من الواقعية والموضوعية.
يستطيع الفلسطينيون أن يزيدوا بل ويعمقوا من أزمة اسرائيل كلما انحازوا أكثر إلى السياسة الواقعية المقبولة دوليا، وكلما توحدوا اكثر ونأوا بانفسهم عن الشعارات والمناكفة التي ادمنوها.
سياسة السلطة الوطنية والرئيس ابو مازن هي السياسة الأكثر فاعلية وهي في مصلحة الجميع، المعارض قبل المؤيد، بل هي السياسة المنقذة للمعارضة من تدمير نفسها وشعبها والمشروع الوطني برمته.