البوابة 24

البوابة 24

وقهرنا السجان

جلال نشوان
جلال نشوان

جلال نشوان

في عملية بطولية، أشبه ما تكون بمعجزة، أو زلزال ضرب منظومة الأمن الصهيونية، انطلق أبطالنا وعمالقة الصبر، إلى فضاءات الحرية، العظمة الباهرة التي رأيناها في قهرهم للسجان، وبمعجزتهم البطولية التي جعلت العالم كله في ذهول، فالتاريخ لم يشهد مثل ابداعات هؤلاء الأبطال، وكيف نذروا حياتهم على هذا النسق من التضحية والفداء، وكيف دمدموا جدران السجن، وحولوها إلى كثبان مهبل.

حقاً : في كل يوم، يثري أبناؤنا، الإنسانية كلها، بتضحياتهم الجسام وعطاءاتهم المجللة بالعز والشموخ والاعتزاز والتي أصبحت مثار إعجاب وتقدير من العالم كله
لقد قدمت "الحركة الفلسطينية الأسيرة" في سجون الاحتلال الإسرائيلي، شلالاً من التضحيات الجسام ورسمت معالم الطريق للحركة الوطنية الفلسطينية، وساهمت في إرساء المد الثوري الكبير، واضاءت معالم الطريق في مسيرة النضال الفلسطيني منذ انطلاقتها، وكانت ومازالت رافداً متجدّداً للكوادر والقيادات الوطنية، التي حافظت على عنفوان المواجهة مع الاحتلال الأمر الذي يبرهن على نجاح "الحركة" في تحويل زنازين الأسر إلى أكاديميات ومدارس تعليمية، تتحدّى جلاوزة الظلم في المعتقلات الإجرامية.

ابداعات "الحركة الأسيرة جعلت الاحتلال يضع في خططه استهدافها بوسائل مختلفة، تهدف في مجملها إلى إضعاف الجسم الوطني الممثل للأسرى الفلسطينيين كافة، وذلك من أجل التفرّد بالأسرى وإخضاعهم لسياسات مصلحة السجون، التي تنتهك حقوقهم من دون أي رادع، وبشكل يخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية.
وفي الواقع بدأ ت الحركة الفلسطينية الأسيرة" تظهر تدريجياً وتكون جسماً وطنياً مبدعاً منذ بدايات اعتقال المناضلين، وهنا حققت الحركة الأسيرة حضوراً جماهيريا كبيراً وذلك بعد نكسة حزيران ٦٧ وما نتج عنها من احتلال صهيوني لما تبقى من فلسطين التاريخية، واعتقال آلاف المناضلين الفلسطينيين والعرب في مراكز توقيف واعتقال عشوائية، قبل أن يتمّ إنشاء 23 سجنا صهيونياً مركزياً تمتد في أنحاء فلسطين التاريخية.

وفي الواقع يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال نحو ٧٥٠٠ أسيراً ، منهم (٢٠٠ أسير فلسطيني) من كافة فئات وشرائح المجتمع، منهم( ٤٧٨) أسيراً محكوماً بالسجن مدى الحياة، واكثر من ٣٠ أسيراً أمضى أكثر من 20 عاماً في السجن، ويعاني مثلهم منذ سُجنوا قبل وصول سلطانا الوطنية إلى أرض الوطن
وقد سجّلت الحركة الأسيرة منذ ولادة المعاناة الفلسطينية ( قرابة مليون حالة اعتقال لأسرى فلسطينيين وعرب)، وقدّمت( ٢٠٧ شهداء، )منهم( ٧٢ أسيراً )استشهدوا نتيجة التعذيب الوحشي، و54 أسيراً بسبب الإهمال الطبي المتعمّد، و74 أسيراً نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال مباشرة، بجانب سبعة أسرى قضوا بعدما أصيبوا بأعيرة نارية وهم داخل المعتقلات الصهيونية.

أن "الحركة الفلسطينية الأسيرة تخوض بشكل يومي، معارك شرسة مع الاحتلال من أجل الدفاع عن كرامة الأسرى وأبسط حقوقهم الإنسانية التي يحاول الاحتلال سلبها"، مبيّناً أن "الحركة الأسيرة أوجدت حاضنة وطنية دافئة داخل السجون، حتى وصلت إلى العالم كله.

ان "الحركة الأسيرة ما زالت لديها الكثير والكثير من ابداعات النضال فهي تمتلك المقوّمات اللازمة للنهوض بمسيرة الشعب الفلسطيني، جنباً إلى جنب قيادتنا الشرعية، من أجل مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية العنصرية التي تستهدف الحجر والبشر"، ويكمن ذلك في "أهمية الدور الذي تؤديه الحركة الأسيرة في إنهاء التناقضات الداخلية واعطاء الزخم إلى الكفاح الوطني"، الذي هو أولوية قصوى لمسيرة العمل الوطني.

أن "الاحتلال ما زال يعتقل 68 أسيرة، من بينهن (١٦ فتاة) قاصرة ما دون سن الـ( ١٨)، فضلاً عن أن عشر أسيرات مريضات، ويعانين من أمراض مختلفة، بينهن الطفلة ديما الواوي، وهنا نطلق صرخةً مدوية لإنقاذ الأسيرة المقدسية (اسراء الجعابيص) التي تعاني الأمرين، وكذلك نهنئ الأخت (أنهار الديك) بخروجها من الأسر وهنا ننوه إلى أن استمرار اعتقال (٤٥٠) طفلاً، لم تتجاوز أعمارهم سن الـ18، من بينهم 210 محكومون والباقون موقوفون ينتظرون المحاكمة، وسبعة أطفال يخضعون للاعتقال الإداري "الأمر الذي يدعو كافة منظمات حقوق الإنسان التدخل والضغط على سلطات الاحتلال بالإفراج عنهم ...

ووفقاً لتقارير صدرت عن مؤسسات تهتم بشؤون الأسرى، فقد بلغ عدد الأطفال القاصرين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال من مختلف بلدات ومدن الضفة الغربية منذ اندلاع انتفاضة القدس، ما يزيد عن( ٨٠٠طفل) وذلك في مخالفة صريحة لكل المواثيق الدولية، التي أكدت على حقوق الطفل ومنعت التعرّض له أو اعتقاله إلا في أضيق الحالات.

لقد شكّلت الحركة الأسيرة تجربة رائدة في العطاء والابداع في مواجهة التحديات المتصاعدة طوال سنوات النضال وعلى الإخوة المعنيين في وزارة التربية والتعليم تدريس هذه التجربة المبدعة لكل الأجيال.

إن تماسك الحركة الأسيرة وصلابتها وعنفوانها الثوري، دفع الاحتلال إلى ابتداع عشرات الوسائل الوحشية التي سعت إلى عزل الأسرى عن واقع الشعب الفلسطيني، والعمل على عزله، عما يدور حوله من ممارسات بشعة ضد شعبنا، خاصة قتل أبناؤنا على الحواجز وسرقة الأرض الفلسطينية، في جنح الظلام، وغيرها من ممارسات الاحتلال الاجرامية.

إن "الاحتلال يسعى بوسائله المتنوعة وبشكل حثيث، إلى التأثير على عقل الأسير الفلسطيني من أجل إبعاده عن النضال ومشاركة أبناء شعبه في العديد من الفعاليات، في حال الإفراج عنه، الأمر الذي جعل الحفاظ على روح النضال لدى الأسير، من أهم الأهداف التي تسعى الحركة الأسيرة إلى تحقيقها داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية".

وفي الحقيقة إن الحركة الأسيرة كانت تتميز منذ بداياتها بالوحدة وتماسك قراراتها، والإسهام بحل التناقضات الداخلية ولعل وثيقة الأسرى خير شاهد على ذلك
لقد سعى الاحتلال منذ عقود طويلة، عبر سياساته الهمجية، إلى تفريق الأسرى وفقاً لانتماءاتهم السياسية والحزبية، بينما في المقابل، كانت الحركة الأسيرة تحاول الحفاظ على وحدة الأسرى في وجه الإجراءات الإسرائيلية من خلال التأكيد على وحدة الهدف والمصير وانهاء كل خلاف يصيب الحركة الأسيرة.

بشاعة المحتلين الغزاة، وانتصار الأسرى، جعلتهم يضعون برامج متخصصة في أساليب ووحشية التعذيب بحق الأسرى الفلسطينيين، إلا أن التعذيب النفسي يُعدّ من أكثر الوسائل التي يستخدمها المجرمون من السجانين والسجانات وحالياً"، حيث تركز سلطان السجون على التعذيب الجسدي والنفسي، حيث يتعرّض الأسرى لسلسلة من الانتهاكات والإجراءات القمعية على أيادي السجانين الإسرائيليين، كالحرمان من الزيارة وفرض الغرامات المالية، والتفتيش التعسفي في الليل، ومنعهم من إكمال تعليمهم وإدخال الكتب، وكذلك الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج، بجانب التنقلات المستمرة للأسرى بين السجون.

ورغم تلك الممارسات البشعة، انطلق الابطال، إلى فضاءات الحرية، ليعلنوا للعالم كله ...ان فلسطين لنا وعليكم الرحيل ..

تحية اجلال واعزاز وتقدير للقائد العملاق زكريا الزبيدي والى رفاقه الابطال، وسيظل الابطال في السجون والمعتقلات يقارعون المحتل في مشهد بطولي رائع، ستسجله الأجيال.

البوابة 24