البوابة 24

البوابة 24

الشعر لا يموت

نداء يونس
نداء يونس

بقلم:نداء يونس
الشعر لا يموت
ـ ما هو شعور الشاعر المبدع وهو يقرأ يوميا عن " موت الشعر" وازدهار الرواية والسرد؟ 
لا أرى موت الشعر بل موت القارئ، علي هنا ان اضيف انني لا اؤمن بما يقال عن نخبوية الشعر فهو كأي حقل معرفي يحتاج فهمه الى قارئ مطلع ونخبوي أحيانا حتى يمكنه فكفكة الدوال ومدلولاتها الجديدة والعلاقات التي تحيل اليها الأشياء واستدعاء المعرفة لفهم إعادة كتابة الواقع.
ان التحول الذي تنحى اليه مجتمعاتنا في ظل ما بعد الحداثة الى الاستعراض والفرجة والاستهلاك السطحي لكل شيء، ينعكس سلبا على قدرة القارئ على التفكيك: تفكيك البنى والصور والاساطير والاحالات والقفز من السطحي الى المعنى الاعمق والاتصال بعوالم ابعد من اليومي والمتاح، كما انه يقتل المخيال كما تقتل مرحلة ما بعد الحداثة كافة المرجعيات والروابط المؤسِسَة، بالتالي، يصبح من الطبيعي ان يرتاح القارئ مع النص المباشر الأقل قدرة على التحليق والأقل تكلفة في الفهم والاستعداد للتلقي دون متطلبات معرفية او شعورية. الامر صار ظاهرة حتى في السلك التعليمي اذ يلجأ الطلبة الى التلخيصات للملخص الذي يتم انتقاؤه أصلا وفرضه وللاجابات الجاهزة. 
الشعر تمرين في التكثيف بينما السرد تمرين في الكلام، وهذا ما يقدم براهين على ان المجتمعات البشرية تعود الى مجتمعات القبائل الأولى، مجتمعات السمعي والصوتي، لكنها القبيلة الرقمية الان ما يتداول المعرفة بقدر أقل من التخييل وقدر أكبر من الاثارة والتوتر والاستهلاكية التي يتميز بها السرد سواء الإعلامي او الروائي.

 

البوابة 24