البوابة 24

البوابة 24

وقع الحافر على الحافر

محمد موسى العويسات
محمد موسى العويسات

بقلم:محمد موسى العويسات

وقع الحافر على الحافر...
(ابن العلقمي وأحفاده)
في (صبرا وشاتيلا) بعض ما كان في بغداد عشية ليلة دخول التّتار (المغول)، لا أبدأ من ( صبرا وشاتيلا) فمن شهد ذاق ومن تابع عرف، يومها لم تشرق الشّمس على شرف... هتك حجابها فأمطرت أياما دما ودمعا ونحيبا، وطبّقت رائحة الموت كلّ الآفاق...
من تاريخ الخيانات...
كان ابن العلقميّ وزير الخليفة العباسيّ المستعصم، فكتب له هولاكو أنّ عساكر المسلمين على بغداد كثيرة، فإن كنت صادقاً فيما قلت لنا وداخلاً تحت طاعتنا ففرِّق العسكر، فإذا عملت ذلك حضرنا. فلمّا وصل كتاب هولاكو إلى الوزير ابن العلقمي دخل على المستعصم وزيّن له أن يُسرّح خمسة عشر ألف فارس من عسكره، لأنّه لا داعي لهذا العدد الضّخم الآن، ولأنّ التتار قد رجعوا إلى بلادهم، ولا حاجة لتحميل الدولة رواتب هؤلاء العساكر، ولثقة الخليفة بوزيره استجاب لرأيه، فخرج ابن العلقمي ومعه الأمر، واستعرض الجيش واختار تسريح أفضلهم، وأمرهم بمغادرة بغداد وكلّ ملحقاتها الإدارية، وفرّقهم في البلاد. وبعد أشهر زيّن هذا الخائن للخليفة مرّة أخرى أن يسرّح أيضاً عشرين ألفاً، وانتقى أفضل الفرسان فسرّحهم، وكان هؤلاء الذين انتقاهم من نخبة جيش الخلافة بقوة مائة ألف فارس. فأصبح عدد جيش بغداد لا يزيد على عشرة آلاف جندي. كما عمل على إسقاط أسماء من تبقى من الجند من الديوان، وحرمانهم من رواتبهم، حتى انتهى بهم الأمر يتسوّلون الناس في المساجد، ولمّا أتمّ مكيدته كتب إلى هولاكو بما فعل، فركب هولاكو وقدم بجيشه إلى بغداد، و لمّا أحسّ أهل بغداد بجيش التتار خرجوا إلى ظاهر المدينة وقاتلوا ببسالة وصبر حتى حلّت الهزيمة بجيش التّتار مرّة أخرى، وتبعهم المسلمون وأسروا منهم، وعادوا مؤيّدين منصورين ومعهم الأسرى ورؤوس القتلى ونزلوا في خيامهم مطمئنّين... فأرسل المنافق ابن العلقمي جماعة من أصحابه ليلاً فحبسوا مياه دجلة، ففاض الماء على عساكر بغداد وهم نائمون في خيامهم وصارت معسكراتهم مغمورة ومحاطة بالوحل، وغرقت خيولهم وأمتعتهم وعتادهم، والناجي منهم من أدرك فرساً فركبه وخرج من معسكر الوحل. 
 أرسل ابن العلقمي إلى هولاكو يعلمه بمكيدته ويدعوه أن يرجع بجيوشه فقد هيّأ له الأمر بما يحقّق له ولجيوشه الظّفر، فعاد هولاكو بجيوشه وعسكر حول بغداد وحاصرها، و لمّا وقعت المصيبة أخذ ابن العلقمي ينشر بين الناس إشاعات الرّعب والفزع، ويثبّط الناس عن قتال المغول ! 
تراجع الخليفة المستعصم عن موقفه فبعث بإبنه وولى عهده الى هولاكو لمفاوضته فطلب هولاكو منهم إلقاء السلاح ، عندها حنث هولاكو بوعده وقام بقطع رؤوس عشرات الألوف من الضباط والجنود على مرأى من سكان بغداد.
دخل هولاكو قصر الخليفة في الرّصافة وقتل الخليفة ووليَّ عهده، واستباح المغول بغداد و دمّروها وأفسدوها و قتلوا أهلها،  وبعد أن استباح بغداد استدعى هولاكو ابن العلقميّ فشتمه ووبّخه على عدم وفائه لمن هو وليّ نعمته والمحسن إليه يقصد الخليفة العباسي المستعصم، ثمّ أمر بقتله، لكنّه تراجع وجعله يعيش ذليلاً مهاناً ليموت بعد أشهر حتف أنفه همّا وغمّا .
وهكذا انكشفت المخيّمات وتمكّن جيش ( الكتائب) وجيش (ي هود) من ذبح ألآلاف في مخيمي صبرا وشاتيلا...

 

البوابة 24