حكايا من القرايا "البحث عن زوجة"

عمر عبدالرحمن نمر
عمر عبدالرحمن نمر

بقلم: عمر عبدالرحمن نمر 


كانت تنطلق مجموعات للبحث، وهذه المرحلة يطلق عليها " الرّم " يسألون وين راحت فلانة؟ فلانة راحت ترمّ العروس... الله يجيبها بيدها... يا رب...
ورمّ العروس ليس بالأمر السهل، فعندما ترصد الخاطبة أن في دار فلان من هن مؤهلات للزواج، حتى تسري سروتها، سروة الشحادة وبنتها، أو سروة العورة للمكحلة، وتضرب الباب والناس نيام... وهذا المطلوب، تريد أن تحصل الرمّة وتشوف البنت حال استيقاظها من النوم، ترصد قومتها، بسمتها، كشرتها، شعراتها المكنفشات أو المسبلات... وتكون قصة الخاطبة محضرة... " وصفولي عندكم نعجة للبيع، أو خروف، أو جوز أرانب... أو زغاليل... أو... " والقصة لا تنطلي على أهل البيت، وخصوصاً أم البنت، يقول المثل " قللو بغفي لك... قللوا صاحي لك"... وهنا إما تأتي العروس المنتظرة بفنجان من القهوة أو كاس من الشاي... وتقدمها لضيفة الصباح، ترحب بها الخاطبة ترحيباً زائداً، تذكر فيه الله وتصلي على نبيه... وترصد في قدومها طول العروسة، ومشيتها... ثم تجلسها جنبها، ويستمر الاختبار، تشتم أنفاسها، وتتأمل مخارج حروفها، وقد تعطيها حبة لوز فركيّة، أو جوزة كي تكسرها لها وتتأكد من سلامة أسنانها... بحجة أن أسنان الخاطبة قاربت على الانهيار التام... والسقوط... وقد تتجاوز الخاطبة وتشدّ  بلطف شعر البنت حتى تتأكد من قوته وصلابته... وإن نجحت البنت في الاختبار، سألت الخاطبة أم البنت سؤالاً يبدو بريئاً: إن أجاكم واحد محترم، خَرْج بنتكم، بتعطوه؟ وتتنوع الإجابة: الله يجيب اللي فيه الخير... هذا كله قسمة ونصيب... والله إذا في نصيب كل واحد بوكل رزقته... يختي إحنا ما بنتكبر... يعني إجابات فيها طراوة وأمل... وهناك نوع آخر من الإجابات السلبية، مثل: يختي، والله البنت بدها تقرا وتتعلم (حجة من النوع الصادم) ... والله البنت معطية عطيّة صينية... من يوم ما ولدت انعطت لابن عمها (وابن العم بنزل عن الفرس)... بنتنا بعدها زغيرة ما بتعرف تفقس البيضة... وهكذا، تغادر الخاطبة وهي تقول: الله يجيب اللي فيه الخير، وكل شيء قسمة ونصيب... ولا تكل الخاطبة، تدخل بيتاً ثانياً... وثالثاً... ورابعاً... وتعود إلى بيت العريس لتقديم تغذية راجعة لأهل العريس وخصوصاً أمه... وعادة ما تكون على مسمع العريس...
دار فلان بنتهم مستورة وأعجبتني والله... وقدهم على قدنا... ما عندهم كاني ماني... 
فلانة مليحة، طولها بسوى بلد... وقارية... وإلها ثم يوكل ما إلها ثم يحتشي...
فلانة مليحة، بس قصيرة شوي...  لو طويلة أخرى شويْ، قدر قمحة... فلانة طويلة كثير... علانة سمرا شويْ بس دمها خفيف... دار فلان مش شايفين من السما ولا رقعة... وبناتهم كبار نفس...  فلانة فش أحسن منها للعيلة، والله أختها اللي عند دار فلان بحمدوا فيها دايماً وصيتها فاقع... فلانة: أمها كثيرة حكي، وأبوها بعمل من البحر مقاثي... 
وتتجمع المعلومات عند أهل العريس... ويتناقشون فيها، ويقارنون... يتلو ذلك رمّة نسائية أخرى... عدة نساء يدخلن بيت العروس ضيفات، ويكون الرصد أدق، وتتم اختبارات أخرى... والله يجيب اللي فيه الخير...

 

البوابة 24