بقلم المحامية: زينب الخالدي
تستند فكرة مسؤولية الدولية الى نفس القاعدة القانونية التي تستند إليها فكرة الخطأ في القانون الخاص ومؤداها أن كل فعل غير مشروع يتسبب عنه ضرر لغير وجب التزام فاعله بإصلاح هذا الضرر وعليه فإن مجموعة من الشروط يجب ان تتوافر لقيام المسؤولية الدولية:
أولا: وجود ضرر لحق بدولة ما، ويشترط أن يكون جدياً أي أن يكون هناك إخلالاً بحق من حقوق الدولة التي تشكو الضرر.
ثانياً: ان يكون الضرر نتيجة فعل غير مشروع من قبل الدولة التي ارتكبت الخطأ، وقد يكون فعلاً ايجابياً أو فعلا سلبياً.
ثالثاُ: ان يكون هناك خطأ من جانب الدولة المشكو منها، ونقصد هنا سواء وقع هذا الخطأ عن عمد أو كان نتيجة إهمال أو تقصير منها.
بإسقاط فكرة المسؤولية الدولية بشروطها وأركانها على الخطأ الواقع من الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير، والذي جاء على لسان أحد وزراء الاحتلال بالخطأ الفادح، يستوجب تحميل الاحتلال الحربي الإسرائيلي المسؤولية الدولية لارتكابها خطأً مقصوداً لم يكن نتيجة إهمال أو تقصير بل كان ضمن خطة وإطار عملية منهجية تستهدف ارتكاب جرام حرب وجرام ضد الإنسانية باستهداف الأبراج السكنية ومنها برج (الجلاء ) الذي كان يضم عدد من الشقق السكنية ومكاتب الصحف والإذاعات المحلية والدولية ومكاتب المحاسبين والمهندسين والمحامين، وقد تحقق الضرر بتدمير المبنى بشكل كامل وإتلاف لكافة الأجهزة والمعدات وجميع محتويات المبنى، وف جاء هذا الفعل ضمن أفعال العدوان الغير مشروعة.
أما عن التساؤل الذي قد يثار في هذا المقام ما هى طبيعة المسؤولية هل هى تقصيرية أم عقدية؟
إن ولادة الاتفاقيات الدولية وما تمخض عنها من التزامات بين دول الأطراف السامية التي التزمت بإراتها الحرة ببنود( عدا التي تحفظت عليها) هذه الاتفاقيات يجعلها أمام التزام تعاقدي اتجاه ما تضمنته بنود الاتفاقية أو المعاهدة وهى بذلك مسؤلة مسؤولية تعاقدية عن الإخلال بأي منها.
لذلك كان من أهم مبادئ عهد عصبة الأمم المتحدة سنة 1919، وميثاق الأمم المتحدة سنة 1945 والاتفاقيات اللاحقة وأهمها اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م ( الاحتلال الإسرائيلي جزء منها) التي تمنع اللجوء إلى الحروب لحل النزاعات بين الدول، ومن ثم فإن حرب الاعتداء أو ما يسمى بالعدوان من جانب أحد الأطراف يعتبر إخلالاً بالالتزام التعاقدي يستلزم التعويض عن الضرر المادي والمعنوي المترتب على الخطأ، ومحاسبة مرتكبيه استناداً الى الالتزام التعاقدي والى مبادئ العدالة والإنسانية.
البوابة 24