البوابة 24

البوابة 24

تراجع الروح القتالية وعقيدة التضحية الصهيونية بداية النهاية

خالد محمد صافي
خالد محمد صافي

 بقلم: أ.د. خالد محمد صافي

ان قيام أسرة الجندي الإسرائيلي بارئيل شموئيلي الذي قتل على حدود قطاع غزة في 21 أغسطس الماضي أثناء حدوث تظاهرات فلسطينية قرب السياج الفاصل بتوجيه انتقادات وتساؤلات إلى الحكومة وقيادة الجيش والإصرار على ضرورة معرفة تفاصيل ما حدث، وإلى أي مدى أخفق الجيش في توفير التدريب له قبل حادث القتل، ومدى توفر وسائل الحماية أثناء الحادث يشير بشكل لا يقبل التأويل ضعف روح التضحية في الأسر اليهودية، ويعد ذلك مؤشرا على تراجع الروح القتالية في التربية الأسرية الإسرائيلية. رغم أن البعض قد يرى في ذلك روحا نقدية إيجابية لأداء المؤسسة العسكرية. وأن روح النقد عامل صحه في المجتمع والدولة.
   ومع ذلك فأن الاصرار وعدم تقبل الأمر يعد ذلك وفق نظرية ابن خلدون بداية انهيار الدول عندما ينتهي الجيل المؤسس لأي دولة والذي يتمتع بروح المبادرة والتضحية والروح القتالية. فعلى الجيل المؤسس تقام الدول ثم يأتي الجيل الثاني جيل الرفاهية والاستقرار، ويبدو جليا أن الجيل المؤسس للدولة العبرية قد انتهى، وأن الجيل الحالي هو جيل الاستقرار والرفاهية وبالتالي الجيل الذي تضعف عنده روح التضحية والفداء والانتماء للفكرة والمشروع الصهيوني، فهذا الجيل يعيش على أمجاد الجيل المؤسس وبالتالي يبحث عن الاستحقاق الوطني والمعيشي اكثر من الايمان بالمشروع والفكرة. وتشكل تصرفات عائلة الجندي الإسرائيلي وتساؤلاتهم وانتقادهم عدم القدرة على هضم فكرة مقتل ابنها، وهذا بالفعل يشكل مظهر من مظاهر الضعف في المجتمع الاسرائيلي، ويشكل نقطة تحول من العقل الجمعي الصهيوني القائم على التضحية والفداء للمشروع الصهيوني إلى العقل الفردي الباحث عن الحياة والرفاهية. ويعد ذلك طبعا مؤشرا على ضعف وتراجع العقل الجمعي وهذا بحد ذاته بداية النهاية للمشروع الصهيوني. وقد تبين ذلك حتى في الأداء العسكري الصهيوني في قطاع غزة من خلال الاعتماد على القوة الجوية وتراجع دور القوات البرية وذلك خشية من القيادة السياسية والعسكرية على تحمل خسائر بشرية تشكل مجال الانتقاد والتساؤل من قبل المجتمع الإسرائيلي الذي لم يعد يحتشد حول العقل الجمعي الصهيوني في التضحية والفداء. وبروز نظريات عسكرية صهيونية تقوم على القوة والتدمير من قبل سلاح الجو، والاعتماد على التكنولوجيا أكثر من القوى البشرية المقاتلة يؤكد على هذا التراجع في الروح القتالية وروح التضحية، وتحمل الخسائر البشرية.
   إن ما حدث يشير أن دولة الكيان قد دخلت وفق نظرية ابن خلدون في طور التراجع والتفكك والانهيار. ولكن كم سيأخذ ذلك من السنين أو العقود أو غير ذلك فيحتاج إلى قراءات استشرافية تعتمد على الدراسات العلمية التحليلية وليس الغيبيات الدينية والأسطورية. فضعف العقل الجمعي لصالح العقل الفردي هو بداية النهاية. ونأمل أن تكون النهاية قريبة.

البوابة 24