البوابة 24

البوابة 24

من الذي يحكم امريكا ؟

الكاتب الصحفي جلال نشوان
الكاتب الصحفي جلال نشوان

بقلم الكاتب الصحفي: جلال نشوان

لا يختلف إثنان على أن الدول تدار من منظومة كبيرة جدا من قوى هائلة من أصحاب المصالح تدير السياسات وفق أجندة معينة تحقق أهدافها ،فالولايات المتحدة الأمريكية ، تتحكم بها قوى إقتصادية عملاقة ، تشكل بمثابة الدولة العميقة ، وخير دليل على ذلك اللوبي الصهيوني ، والٱيباك ، وربما يسأل سائل ما هي الٱيباك ؟

الٱيباك تم تأسيسها في عهد إدارة الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، وتعتبر منظمة الأيباك منظمة صهيونية وهي اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة والتي تم تأسيسها في (سنة 1953 ) تم تحويل مسماها إلى ما هو معروف اليوم بالأيباك بعد تدهور علاقة داعمي الكيان والرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور وإجراء تحقيق حول أهدافها

وفي الحقيقة :

منظمة (الأيباك) أُقيمت بعد 3 سنوات من إقامة دولة الكيان الغاصب من اجل تسويق مصالحه في العالم وبالتحديد في الولايات المتحدة، إلا أن قوتها الحقيقة بدأت تتضح وتظهر فقط في سنوات الثمانينات من القرن الماضي. ويعتبر البعض منظمة الأيباك بأنها منظمة يمينية أكثر من الأحزاب اليمينية في الكيان وأنها تؤثر على حجم الميزانية التي تخصصها الولايات المتحدة له وهنا يداهمنا السؤال الأكثر إلحاحاً :

من الذي يحكم أمريكا ؟

هناك من يرى أن الذي يحكم إمريكا ، فرق من وزارة الخارجية و(السى ٱى ايه ) والأمن القومى وهؤلاء خلف ظهورهم قوى هائلة ، قوى اقتصادية تتحكم في كافة أمور الدولة

لقد أظهرت الإنتخابات الأمريكية الأخيرة ، كيف تدار الدولة الأمريكية وإن اختيار ونجاح جوبايدن لم يتم إلا بموافقة تلك المنظومة السرية التى تعمل ولا يشعر بها حتى الأمريكيين أنفسهم ،والرؤساء هم منفذون لتلك السياسات ،ولقد إرتأت تلك المنظومة أن ترامب أخفق فى تنفيذ الاجندة المطلوبة منه و هناك من القوى العائلة صاحبة المصالح ، حوربما يختلف معى كثيرون ويقولون أن امريكا دولة مؤسسات ولا يمكن تدار بهذا الشكل

القضية ياسادة :أعمق من ذلك بكثير ،وهنا يجب ان نخفض مستوى المراهنات على الأشخاص وعلى رأسهم بايدن ،فالأشخاص فقط هم من ينفذون توجهات منظومة الدولة العميقة ،

إن سياسة الولايات المتحدة الامريكية القائمة على قهر الشعوب ونهب خيراتها لم تأت من شخص الرئيس والتجارب السابقة تدلل على ذلك وبخاصة فى فيتنام عندما خرج العلم الأمريكى ملطخا بالدماء ولم تخرج أمريكا من ذلك المستنقع إلا بالضغط الشعبى الهائل بسبب خسائرها البشرية الهائلة ،

إن المراهنات الكثيرة على شخص الرئيس وإطلاق العنان لخيالنا ،يجب أن يصطدم بهذا الواقع ،خاصة إن الولايات المتحدة هى من زرعت الكيان الغاصب الصهيوني فى المنطقة وبالتوافق الاوروبى ،وهنا تداهمنا أسئلة كثيرة :كيف كانت الولايات المتحدة تؤمن بأن المستوطنات غير شرعية ،ثم تغيرت مواقفها الى غير قانونية ،ثم أراضى متنازع عليها ،ثم هى جزء لا يتجزأ من أراضى اسرائيل ؟!!!!

انه اللوبي الصهيوني والٱيباك الذين يتحكمون في كل صغيرة وكبيرة في الإقتصاد الأمريكي

إنه مما يثير للسخرية أن يبذل سياسيو العرب كل جهدهم لكسب عطف وود هذا الرئيس أو ذاك من رؤساء الولايات المتحدة في حين لا يجد هذا الرئيس الأمريكي من الاحترام والهيبة عند أعضاء الكونغرس أو في الولايات المتحدة ما يجده في التعامل مع الحكام العرب والمسلمين، ظنا منهم بأن له من السلطة على بلده ما لأحدهم في بلده. وأحيانا كثيرة تأخذ النخوة بعض هؤلاء السياسيين فيقدمون الهدايا السخية ، كما حدث مع ترامب وإبنته إيفانكا

من المفيد قبل المواصلة في الحديث عن عجز النظام السياسي العربي سياسيا، أو بمعنى أصح غيابه وعدم تأثيره في الساحة الدولية ،

وللتعرف على جانب آخر في خريطة مراكز القوى في الطبقة السياسية الأمريكية كي يدرك القارئ الكريم كل ما يحدث في تلك الدولة التي يصاب بهاء المرء من ذهول وهنا نتساءل ماذا عن الاقتصاد الأمريكي ؟

بالإضافة للهزات الاقتصادية التي أصبحت سمة المرحلة الحاضرة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي الذي يتعرض إلى موجة من الكساد وفقدان القدرة على التحكم، بالإضافة إلى ذلك فإن موضعة المصانع وإنشاء الحدود القومية أمام تدفق رأس المال ومرافق الخدمات جعل الحكومات المتوالية سواء متعذر عليها إيجاد سياسة اقتصادية توفر مخدة واقية من هزات التحولات الاقتصادية.

وحتى لو كانت هذه السياسات صحيحة فإن الحملة الانتخابية ستحل قبل أن تثبت الحكومة أنها تسير على خط صحيح.. هذه مشكلة حقيقية تجعل من سلطان الرئيس أقل تأثيرا.. وهكذا فقد عملت شروط ضعف مؤسسات الحكم الثلاث: الأحزاب، الكونغرس، والرئاسة على تدمير قدرة النظام على تطوير سياسة متناسقة والحفاظ عليها وغذى هذا الضعف نسقان في مراكز القوى: جماعات المصالح، والصحافة. ليصل الحد كما صرح السيناتور الأمريكي (بيل بروك) وزير التجارة الخارجية في عهد (ريڤان) “ان البلدان الديمقراطية في أنحاد العالم ضعيفة هذه الأيام”.

في الولايات المتحدة ليس هناك حزبان سياسيان بل هناك 536 حزب، مئة منهم أعضاء مجلس الشيوخ، و435 هم أعضاء مجلس النواب ثم الرئيس، وكل من هؤلاء هو حزب سياسي لوحده، كل منهم نال الوظيفة التي رغب فيها وجمع الأموال اللازمة لحملته الانتخابية واستأجر هيئات استطلاع آراء الناخبين وخاض الحملة كما لو أنها الوظيفة الوحيدة على جدول الاقتراع.

وهكذا وجد كلينتون شأن الرؤساء السابقين أن التعامل مع أعضاء الكونغرس أصعب في الغالب من المفاوضات مع رؤساء الدول ذات السيادة.

فمثلا نجد الرئيس نفسه يحاول عقد صفقات مع أشخاص يتصرفون بشكل ذاتي صارم مثلما فعل مع المليونير (هيربرت كول) وهو سيناتور ديمقراطي من ولاية “ويسكونسون” وقام بنفسه بالإنفاق على حملته، وكان قد أبلغ الرئيس أن سقف زيادة الضريبة على الغاز 4.3 سنت بالتحديد واضطر كلينتون لأن يقبل ذلك لأن السيناتور يمتلك سيطرة على آلية التصويت لمجلس الشيوخ.

وعلى مستوى آخر، فهناك عوامل عديدة لإضعاف الرئاسة الأمريكية.. فمثلا ينظر بملاحظة شديدة إلى أن هذا الرئيس كافح من أجل تدبير أمور موظفي البيت الأبيض في حين يصاب بالخيبة وهو يحاول تعيين (بوبي اينمان) مما يثير الشكوك حول كيفية إدارة الرئيس..

وهذه مسألة مجذرة في الوجدان الأمريكي نبدأ من (ليندون جونسون) في حرب الفيتنام و(كارتر) في إيران حتى (جورج بوش) في فضيحة إيران كونترا.. وكلينتون الجديد ومبرراته للتخلف عن الخدمة العسكرية بشأن قضية (واتووتر) ومأساته في الصومال.. وظهوره بشكل مرتبك شخصيا وسياسيا أمام تحديات الهجوم الاقتصادي الياباني.. كل هذا يدفعه إلى الأسفل لا سيما وهو طرح شعارات ضخمة عن التعليم والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية، وكذلك ورطه بوش الابن في الحرب اللهيبة في أفغانستان والعراق وأثر ذلك على الاقتصاد الأمريكي وصولا إلى ما يشبه الكساد العظيم مع بدايات عهد أوباما.

وهكذا يتضح أن الكونغرس يتحرك في معظمه (كدمى ) بفعل قوى ذات المصالح الهائلة.. ولو كانت قضية الحرب على العراق ورفض الكونغرس في البداية تأييد الرئيس الأمريكي الذي كان مدفوعا بمصالحه الشخصية ومصالح قوى اقتصادية تقف خلفه.. ثم وافق الكونغرس في نهاية الأمر بعد أن أصبح واضحا له ضمانات الانتصار بتحييد العرب وعدم ردة فعلهم، بل وإشراكهم في الحرب على العراق وتجييش ثلاثين جيشا من جيوش العالم هنا اتضح حجم المكتسبات المالية الهائلة التي ستنشأ عن السيطرة على منابع النفط.

إن أصحاب المصالح هؤلاء يزيدون في دفع الولايات المتحدة نحو تحقيق مزيد من الانتصارات للسيطرة على مواطن الربح سواء كان ذلك بالحرب أو السياسة.

فما كان للكونغرس أن يقتنع بالحرب ضد العراق لو أنه أحس بإمكانية مواجهته مع المنطقة العربية والعالم الإسلامي مواجهة حقيقية، وما كان للحصار أن يستمر لو أن البواخر الأمريكية الشاحنة نفطا أو الجالبة أدوات أو الراسية أو المارة توقف عنها تقديم المساعدة من قبل الموانىء العربية.

إن إدراك سياسيي وطننا العربي لأهمية العمل على هذه الأرضية يجعلهم يتعاملون مع الأشياء بواقعية تجنبهم مضيعة الوقت والضحك على لحاهم فيصبحون غير حريصين تماما على التودد لهذا الرئيس، أو إنما يصبحون قادرين على إقناع أصحاب المصالح أن ربحا متبادلا مهما سيحصل أن اتخذت الإدارة الأمريكية الموقف الفولاني وستكون الخسارة أن حدث العكس، هذا لا يعني إعلان حرب على الولايات المتحدة إنما يعني البحث عن شكل من التعامل المتكافئ، بمعنى آخر يجب أن يتحول مالنا نحن العرب إلى سلاح استراتيجي بأيدينا كما يصبح سوقنا أحد أسلحتنا. وليس العكس. بالسيطرة عليه والتحكم في معادلة الانفتاح بما لا يضر مؤسساتنا ومشروعنا النهضوي.

إن الصراع في كل المناطق عبر العالم اليوم أنشأته طبقة كبار أصحاب المصالح وهؤلاء لا دين لهم ولا إيديولوجيا سوى المال وهم يوظفون الدين والإيديولوجيا لمصالحهم.. وموضوع جنوب إفريقيا الذي لقي دعما غربيا عنصريا للأقلية البيضاء عقودا من الزمن ضد الأفارقة أهل البلاد الأصليين عندما كان (الذهب) مرجعية العملات العالمية.. وعندما انتقلت المرجعية من الذهب إلى العملات المهيمنة سمح الغرب بإجراءات الديمقراطية والمساواة في جنوب إفريقيا..

وحرب الفيتنام والمصالح الكبرى الأمريكية ورفع الحظر عنها اليوم في محاولة لتخفيف وطأة أزمة الاقتصاد الأمريكي حيث يساعدها في تشغيل عجلتها الاقتصادية، وهذا هو التوجه نفسه الذي يسيطر على السياسة الأمريكية تجاه الدول الاشتراكية القديمة.

هذه الحقيقة لا بد من تدبرها لكي ندرك أن الذي يحكم في الولايات المتحدة ليس هو الرئيس ولا الأحزاب ولا الكونغرس مجردين.. إنما هم أصحاب المصالح

هذه هي أمريكا ومن يبحر في سفينتها سيجد العجب العجاب

ٱمل من الله أن تتفكك ، وتندثر ، كما إندثرت إمبراطوريات متعددة ، لأنها السبب في معاناة شعبنا ، وهي من أوعزت لبريطانيا بصياغة وعد بلفور

البوابة 24