البوابة 24

البوابة 24

قصة حفيدتي

الدكتور محمد بكر البوجي
الدكتور محمد بكر البوجي

بقلم: د. محمد بكر البوجي

اتصلت بي حفيدتي تطلب مني مراجعة ما كتبته لان الاستاذة في المدرسة شديدة وحريصة على سلامة اللغة العربية ..ارسلت لي كاتبة .. اغتيال طفولة جاءها المخاض .. ازيز الطائرات لا يتوقف وصوت اهات وجع امي يزداد . لا احد في البيت. ابي يعمل طبيبا في المستشفى . غائب عن البيت منذ ايام..اذن انا الوحيد القادر على المساعدة.. الكهربا غائبة.. اخذت بيدها على السلم ..درجات السلم تهتز من شدة القصف .. ياا رب رحماك.. بعد جهد وصلنا الشارع العام .. لا احد في الشارع المدينة مهجورة. تحتلها اصوات المدافع وازيز الطائرات ..لا سيارات توصلنا الى المستشفى .. مشينا .. الطائرات تزن وامي تصرخ وانا ابكي باعلى صوتي . قد يسمعنا احد وياتي لمساعدتنا .. لا احد في المدينة ..خاوية الا من دمار تراه عن اليمين وعن اليسار .. امي تصرخ ..تتوجع .. انا ابكي بحرقة .. اخاف ان تموت .. ياا رب رحماك .. فجاة ظهرت عن بعد سيارة تطلق زامورها .. لا بد ان اوقفها مهما كانت النتيجة .. وقفت وسط الشارع وانا اللوح بكلتا يدي ..ان توقف . نحن في خطر .. فعلا توقف وهو يصرخ في وجهي ..معي جريح على وشك الموت ..ابتعدي .. قلت وانا اصرخ امي تموت . سنذهب معك الى مستشفى الولادة . فعلا نزل السائق ..واخذ بذراع امي واجلسها بجوار الجريح ..انا قفزت في حضن الرجل الذي يجلس بجوار السائق..معلش يا عمي انا اسفة ..لا يا ابنتي انت طفلتي .. انطلقت السيارة في الشارع الخالي من البشر .. فجاة وجدنا وسط الشارع حفرة كبيرة اثر القصف ..يصعب السير فوقها ..قال الرجل الذي يحتضنتي .. روح من طريق مخيم الشاطىء. دارت السيارة نحو طريق جديد .. عبر تعرجات وصراخ امي والجريح .. وصلنا .. ساعدنا الرجال في إنزال امي وتوصيلها باب مستشفى الولادة .. دخلت معها ..الكل يعمل . الكل يجر حاضنات اطفال او سرير عليه حالة ولادة .. دخلت مع امي غرفة الولادة ..اطفال يصرخون لحظة الولادة . اختى نزلت من بطن أمي وهي تصرخ.. يا الله لماذا يصرخ الاطفال اثناء النزول ..هل يعرفون انهم جاؤوا هنا الى غزة ..تذكرت نفسي وانا في بطن امي .ارفس كثيرا ازعجها .. حاولت الطبيبة سحبي وانا اعاند لا اريد النزول هنا .سابقى في المكان الامن . في بطن امي . رغما عني نزلت وانا اصرخ.. هل كنت اعرف انني سانزل هنا في هذا المكان المقتول بكل غدر الكون وحقده .. وضعت الابلة يدها على شعري تمسده .. مالك ليان نايمة . لا زلنا في الحصة الاولى . استيقظت من حلمي . وانا ابكي.. اريد ان ارجع الى بطن امي .. احترت انا شخصيا ماذا أضيف او أعدل ..حبيبتي حفيدتي انت راقية.

 

البوابة 24