البوابة 24

البوابة 24

خلف بيتي ذئب

خلف بيتي ذئب ...

عمر حمّش

هكذا .. لم أذهبْ إليه؛ فجاء .. لم أمثلْ قبالته متفرجا؛ فاقتحم هو غازيا، لم أرقب أنيابه، ولا دورانه اللانهائيّ داخل قفصِه؛ فهبَّ لعينيّ مثل قدر ..

أنا الزاهد دنيانا، المعتكفُ منذ عقود، أمارسُ تحديقي في سقفي، وأرقبُ نجمي الآتي؛ تأتيني الآن من خلقِ الله الذئابُ ...

كنتُ تنعمتُ بقيلولةٍ تحت نافذةٍ تُسربُ شمسا دافئة، حين هببتُ؛ أستكشفُ سرّ القيامةِ التي قامت ..

عشراتُ الصِّبيانِ كانوا يهرولون فوق شتلاتِ الزيتون .. صحتُ، فصاحوا، وعجبتُ للحشد المتعاظم تحتي، وفوق سورِ حديقة بيتي. عدتُ أصيح؛ فصاحوا: ذئب..!

جالت عيناي لأفهم؛ فرأيتُه بأمِّ عينيّ، رمقني بعينين صفراوين، ودار بأنيابٍ مُشرعة... لم أذهب أنا إلى قفصِه؛ فجاءني هو. لمْ يُجدِ اعتكافي، ولم تنفعني عزلتي، وها هي الحشودُ، وذئبٌ حقيقيُ يحركُ أنيابَ فكّيه ...

قلتُ: ستأتي الشرطةُ إذا .. وربما الدفاع المدني، وخمنتهم سيلقون شباكا، ويطلقون سهاما، قبل أن يفعلها هذا الذئبُ؛ فيعبرُ بيتا، ويلتهم طفلا، أو ذراع عجوز مستلقية سارحة في ملكوت الله ..

كان الحشدُ بين الشتلات يموجُ، وكان رأسُ الذئبِ المحشور بين الحشد والسور يدور، ويطلقُ عواءً تقشعر له الأبدان .. أمّا الصبيّة فتحلقوا، يتصايحون، لا يقاربونه، ولا يتباعدون ...

وأنا هناك، كنتُ على النافذةِ معلقا في الانتظار؛ إلى أن مضى الذئبُ .. مضى بقرارِه، كأنّه فهم أن الأمر طال .. مضى راضيا، والحشدُ أمامَه ولى الأدبار .. أين مضى الذئب ..

من يعرفُ أين مضى .. نزلتُ كالمُنتَهك، ثمَّ غادرتُ لأقوّم اعوجاج الأشجار ...

البوابة 24