أوكرانيا - تايوان أزمات قديمة جديدة ومتشابهة على مسرح الأحداث الدولية، بين الواقعية والارتهان لمصالح الكبار!!

بقلم الكاتب والباحث: م. صلاح أبو غالي

ما يحدث الآن في أزمة أوكرانيا ما هو إلا نتاج سيناريوهات تبادل المصالح، واتفاقات ضمنية لإعادة انتشار أمريكي وروسي في تلك المناطق، خاصة بعد انسحاب أمريكا من العراق وأفغانستان، وكذلك هو الحال بخصوص أزمة تايوان مع الصين، هناك إعادة انتشار أمريكي صيني في المنطقة بما يضمن مصالح جميع الأطراف.. يكمن جوهر الصراع بين روسيا وأوكرانيا في حقيقة أن روسيا ترى أوكرانيا مقاطعة منشقة عن الاتحاد السوفيتي سابقاً، وتعتبرها امتداد جغرافي لروسيا وأنها بمثابة الفناء الخلفي الآمن لها، وتريد روسيا أن يعود الناتو إلى حدود ما قبل عام 1997. فهي لا ترغب في الحرب، وإنما تهدف من خلال تحركاتها العسكرية قرب الحدود مع أوكرانيا إلى إيصال رسائل مفادها:

✅ أولاً: هو وقف توسع الناتو إلى الشرق ونشر أسلحة في الدول المجاورة التي قد تهدد روسيا.

✅ ثانياً: رفض روسيا لنشر أوكرانيا طائرات مسيرة تركية بشكل خاص، لمواجهة القوات المدعومة من روسيا في شرق أوكرانيا. ✅ ثالثاً: رفض للتدريبات العسكرية الغربية في البحر الأسود.

⬅وهناك ثلاثة أسباب تجعل من الحرب مستحيلة في تلك المنطقة:

🔴 أولاً: القوة العسكرية: إذ درك قادة روسيا اليوم أنه من غير الممكن انتصار بلدهم على أوكرانيا والتمكُّن من غزوها عسكرياً بشكل كامل والاستقرار فيها، ناهيك عن النجاح في خوض قتال مع الولايات المتحدة وحلف الناتو دفاعاً عن مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة.

🔴 ثانياً: هنالك تصوُّر لدى القيادة الروسية عن الحرب مع أوكرانيا بوصفها نذير عواقب وخيمة على اقتصاد روسيا وعلاقاتها الخارجية وصورتها الدولية، والأسوأ هو أن صراعاً كهذا قد يُمثِّل خطراً وجودياً على الحزب الشيوعي الروسي نفسه.

🔴 ثالثاً: ينتظر قادة روسيا "التوحيد السلمي" لبلادهم مع أوكرانيا، آملين أنه لا يزال مُمكناً، في ظل القومية العرقية واللغة والجغرافيا الواحدة الممتدة، وأن الوقت في صالحهم بالنظر إلى تنامي القوة الروسية، ومن ثمَّ كان هدفهم التاريخي الحيلولة دون انضمام أوكرانيا رسمياً ٱلى حلف الناتو أو تغيير الوضع القائم، بل يأملون في العودة إلى الأم التاريخية روسيا. أما فيما يخص جوهر الصراع بين الصين وتايوان يكمن في حقيقة أن بكين ترى تايوان مقاطعة منشقة سيعاد ضمها إلى البر الصيني في نهاية المطاف، فيما يختلف الكثير من التايوانيين مع وجهة نظر بكين، إذ أنهم يرون أن لديهم أمة منفصلة، ودستور وقوانين وقادة منتخبين، سواء تم إعلان استقلالها رسمياً أم لا. ⬅وما يجعل من الحرب مستحيلة في تلك المنطقة يكمن في ثلاثة أسباب هي:

🔴 أولاً: القوة العسكرية: إذ يشك قادة الصين حتى اليوم في إمكانية انتصار بلدهم على تايوان والتمكُّن من غزوها، ناهيك بالنجاح في خوض قتال مع الولايات المتحدة.

🔴 ثانياً: هنالك تصوُّر عن الحرب مع تايوان بوصفها نذير عواقب وخيمة على اقتصاد الصين وعلاقاتها الخارجية وصورتها الدولية، والأسوأ هو أن صراعاً كهذا قد يُمثِّل خطراً وجوديا على الحزب الشيوعي الصيني نفسه.

🔴 ثالثاً: ينتظر قادة الصين "التوحيد السلمي" لبلادهم مع تايوان، آملين أنه لا يزال مُمكناً، وأن الوقت في صالحهم بالنظر إلى تنامي القوة الصينية، ومن ثمَّ كان هدفهم التاريخي الحيلولة دون استقلال تايوان رسمياً أو تغيير الوضع القائم.

⬇الخلاصة: سيتوقف التصعيد في الأزمة الأوكرانية فور تطبيق ما ورد من بنود في اتفاق مينسك للسلام لعام 2015 والذي يهدف إلى وقف الصراع في أوكرانيا، ووقف التوسع باتجاه الشرق وإنهاء النشاط العسكري لحلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية، هذه الاتفاقية التي لم يتم تنفيذ بنودها حتى اللحظة والتي تمثِّل لب الصراع، وهي ذاتها ستكون سبب نزع فتيل الأزمة قريباً وفق تفاهمات دولية بين دول الأزمة، وكذلك هو الحال في الأزمة التايوانية، ستنتهي الأزمة فور موافقة تايوان على البقاء تحت العباءة الصينية من خلال اتفاقية دفاع مشتركة واتفاقية تبادل اقتصادي تضمن الارتباط التاريخي الممتد بين البلدين كأمة واحدة.

وعليه تأتي الزوبعة الإعلامية والمبرمجة مسبقاً، والمترافقة مع تلك الأحداث في كل من أوكرانيا وتايوان فقط من أجل التغطية على ما يتم خلف الكواليس، وهي بمثابة رسم سياسات استراتيجية دولية جديدة لمصالح تلك الدول، وليس أدل من أزمة سوريا واليمن وليبيا على ذلك، حيث هناك تواجد أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وتركيا والكيان الصهيوني في مسرح الأحداث لتلك الدول بهدف توزيع مناطق نفوذ وفق السياسات المبرمة مسبقاً والمرسومة على خارطة المصالح الدولية، والمنهجية المتبعة في تلك الأزمات "لا حرب، لا سلام، مصالحنا تأتي أولاً".

 

البوابة 24