بقلم: خليل الصمادي
سأدون هنا بعض الملاحظات وسأربطها بالواقع المعيشي لتكوين صورة واضحة عن الواقع. وأحاكي في منشوري هذا ما ذكره البديري الحلاق في كتابه (حوادث دمشق اليومية)
لما علم د. عمر شيخ الشباب بوجودي في دمشق أصر على دعوتي للفطور فتواعدت معه س ٩ صباحا عند دوار الكنيسة بمشروع دمر، اخذت سيارة أجرة ب ٢٥٠٠ ل س إذ أن المسافة من ضاحية قدسيا للدوار أقل من ٦ كم وجدته بانتظاري ركبنا سيارته وسرعان ما وضع حزام الأمان وداعبته بقولي : ما رأيت يفعل هذا بدمشق إلا أنت، وأردفت له أنني خلعت الكمامة حتى لا يكون منظري غريبا!
مررنا على ثلاثة مطاعم مغلقة لم يحن افتتاحها بعد بسبب تعود الناس على السهر وأخيرا وجدنا مطعمًا للفطاير فتناولنا ما لذ وطاب. السيدة الأديبة هبة الله الغلاييني حفيدة الشيخ إبراهيم الغلاييني مفتي قطنا لما علمت بقدومي لدمشق تمنت أن ازور مكتبة الأسد حيث تعمل هناك فقلت لها حسب ظروفي فشاورت د. عمر إذ أن اختصاصه ترجمة كاختصاص السيدة هبة الله فاستحسن الرأي فأخبرتها عن طريق الواتس فسررت جدًا ووضعت أسمينا على الباب .
ترك د. عمر سيارته بمشروع دمر توفيرًا للبنزين الذي أصبح نادرًا وركبنا سيارة أجرة مع ركاب أوصلنا لمكتبة الأسد ب ٤٠٠٠ ل س
هناك وجدناها بانتظارنا ودخلنا المكتبة وبعد جولة سريعة استأذنت بالانصراف بسبب موعدي مع دائرة الجوازات.
تركت د. عمر يكمل جولته في المكتبة وحديثهما الشيق عن الترجمة.
انطلقت لعين كرش بشارع بغداد بتكسي ب ٣٠٠٠ ل.س ووصلت الساعة العاشرة والنصف وخلال ربع ساعة انتهى كل شيء مع ورقة دخول لبنان وقالوا: ارجع الساعة الثانية لاستلامه علمًا أنني دفعت رسوم البنك مئة ألف وألفان للجواز المستعجل من اول يوم وصولي في البنك التجاري، وأما في دائرة الهجرة فدفعت تقريبا ٧ آلاف ليرة لزكريا ابن المرحوم أبي طارق سلايمة ثمنًا للطوابع وأجرته ، وأما ورقة دخول لبنان فكلفت ألفين.
سررت جدًا وأخذت بيانًا عائليًّا شاملًا حسب رغبة أخي سهيل من مؤسسة اللاجئين لاستقدام والدته لألمانيا ب ٥٠٠ ل س وانطلقت مشيًا على الأقدام إلى الجسر الأبيض لتصديقه من مؤسسة اللاجئين، وفي الطريق شعرت بالدفء وأنا أمر أمام ساحة السبع بحرات وجامع بعيرة وساحة الشهبندر ووزارة التربية وبعد التصديق المجاني ركبت بباص الصالحية المتجه للميدان ب ٢٠٠ ل س أنزلني عند جسر الرئيس مارًا من الحمرا وعرنوس وفندق الفور سيزن وبعد الوصول بدقائق انطلقت إلى مكتبة دار البيان للسلام على صاحبها السيد بلال بشير عيون فقد كان والدي صديق والده، سمعت أذان الظهر وأنا خارج من عنده وانطلقت إلى مدخل فندق قصر الإهرامات حيث الصديق والجار الطيب أبو الحكم وأخوه الرائع واستقبالهما البشوش، وبين الأذان والإقامة طاف بي أخوه إلى عدة محلات للترجمة فعثرنا على أحسنهم وأرخصهم وأسرعهم على أن ينجزها غدا مع التصديق من العادلية والخارجية ب ٢٢ ألف ليرة ألا ان أبا رامي صاحب المحل أعطاني ورقة بيضاء لأكتب له أسماء الذين في البيان باللاتينية، وبعد صلاة الظهر في جامع دنكز جلست على الطاولة وبدأت بكتابة الأسماء وما أكثرها ! والد رحمه الله وزوجتان و١٨ أخًا وأختًا ما بين حي وميت في ثلاث صفحات.
بعد أن سلمت البيان العائلي للمترجم المحلف مررت قرب قلعة دمشق ودخلت الحريقة وسلمت على الصايغ بسام الشهابي وكان سعر غرام الذهب عيار ٢١ مئتي ألف وعشرة آلاف! .
دخلت أول سوق البزورية ووقفت عند شباك مرقد الملك الشهيد نور الدين زنكي ورأيت شيخًا يقمُّ المكان فقرعت الشباك وفتحه لي ولأول مرة أرى مرقده بوضوح، وسرحت في التاريخ والتراث والبطولة وتألمت لما وصلنا إليه.
وصلت محل العرجاوي أشهر محل زعتر واشتريت ٤ كغ سعر الكيلو ١١٠٠٠ اما الفلسطيني ب ١١٤٠٠، رجعت للفندق وضعت الأغراض عند أبي الحكم، ولما اقتربت الساعة من الثانية أخذت سيارة لعين كرش ب ٣٥٠٠ ليرة، وكم فرحت عند استلام جواز السفر لمدة ٦ سنوات، وبعدها مشيت في شارع العابد ووصلت للصالحية ودخلت محل (سليق للشوكلا) واشتريت مجموعة من الشوكلاتة الغالية ، ليست لي بل توصية لأحد الأصدقاء لأن الكيلو بين ٧٥ ألفا و٢٠٠ ألف ليرة ودفعت حوالي نصف مليون ليرة ثمن ٦ كيلو، وعلمت أن محل سليق قديم وله فرع بدبي ألا أنني لم أعرفه إلا يوم أمس.
عدت للصديق أبي الحكم مرة أخرى شعرت أن شعري قد طال فذهبت للحلاق في المبنى المقابل لبناية العابد والحلاق قريب أبي الحكم وكنت أحلق عنده سنة خروجنا من المخيم أواخر عام٢٠١٢ ب ٤٠٠ ليرة وصارت اليوم ب ٤٠٠٠ ليرة بالإضافة ل ٥٠٠ ليرة إكرامًا للصبي الذي ينفض ثوبك.
بعد الحلاقة مررت على سوق الهال القريب واقتربت من المسجد الذي سكنه أهلي يوم خروجهم من فلسطين ١٩٤٨ وتمنيت لو رأيت أحدا من عائلة صنوفة للسلام عليهم حيث كانوا جيرانا لأهلي حسب ما أخبرني والداي قبل وفاتهما .
أعجبتني كرمنتينا كبيرة سعر الكيلو ١٧٠٠ ليرة أخذت ٤ كيلو ومررت على محل بركات واشتريت بذور الطرخوم الظرف ب ٥٠٠ ليرة .
صارت الساعة الرابعة عصرا والمسافة بين مدخل الفندق وجسر الرئيس قصيرة وبما أن حملي صار ثقيلا أخذت سيارة للضاحية ب ١٥ ألفا، وفي المساء زارنا عمي أبو الوليد الصمادي وكانت أختي منيرة قد أرسلت زوجها لاستقراض ليترين مازوت من صديقتها إكرامًا لعمي المختار السابق كي تشعل له المدفأة حيث نعمت بالدفء بمعية ماتبقى من أعمامي أطال الله بعمره.