الدوافع والأسباب الإسرائيلية لتهدئة في الضفة الغربية وقطاع غزة

بقلم: عمران الخطيب

للمرة الأولى تشعر حكومة الإحتلال الإسرائيلي أنها في مئزق بعد عملية إغتيال الشهداء الثلاثة، الشهيد صائب عباهرة 30 عاماً من محافظة جنين، والشهيد خليل طوالبة 24عاما من محافظة جنين، والشهيد سيف أبو لبدة 25 عاما من محافظة طولكرم، وسبق عملية الاغتيال الجبانة الذين ارتقوا عند مفترق عرابة في جنين فجر السبت الأول من شهر رمضان المبارك، إن سلطات الاحتلال قد تلقت ثلاثة عمليات نوعية في عمق الأرض المحتلة خلال أقل من أسبوع.

العملية الأولى في بئر السبع والعملية الثانية في مدينة تل أبيب والعملية الثالثة في الخضيرة، وبهذه العمليات النوعية وما أحدثته من فراغ أمني يؤكد أن القيام بعمليات نوعية في المناطق المحتلة عام 1948 ممكن وبسهولة، وفي الإعتقاد لدى الجانب الإسرائيلي، إن عملية إغتيال الشهداء الثلاثة قد ينجم عنها ردود فعل من قبل الجهاد الإسلامي رغم تعهد حركة حماس التزاماتها في مسار التهدئة مع الجانب الإسرائيلي وهي مصلحة بين الجانبين حماس و"إسرائيل" وفي الإعتقاد أن حسابات الجهاد الإسلامي تكمن في إسقاط عامل التهدئة، حيث لم يعد من المجدي الإستمرار في التهدئة بقطاع غزة في حين تقوم سلطات الاحتلال بعمليات المداهمة والاغتيالات في جنين والاعتقالات والقتل المتعمد اليومي في مناطق الضفة الغربية والقدس بما في ذلك قيام المستوطنين بدخول المسجد الأقصى المبارك بينهم عضو الكنيست الإسرائيلي اليميني إيتمار بن غفير، حيث اقتحم ساحات المسجد الأقصى وسط حماية مشددة من قبل الشرطة الإسرائيلية.

هذا جانب ومن جانب آخر فإن بعض العمليات للأفراد من المقاومين الفلسطينيين لا تندرج تحت قرار فصيل بل نتيجة الأعمال الإرهابية لجيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في عموم الأرض المحتلة، إضافة إلى الجرائم والاستفزازات اليومية للاحتلال، ويمرر" تصاريح" الدخول للعمل في "إسرائيل" للعمال الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى تصاريح لم الشمل التي أعطيت قبل شهور، والإبقاء على وجود سلطة في الضفة لإدارة الشؤون الحياتية والاجتماعية والاقتصادية وتعليمية دون تحقيق أي نتائج سياسية، والمحافظة على إبقاء سلطة حماس في قطاع غزة وحول التهدئة تنقسم إلى ثلاثة عناوين.

1-الجانب الإسرائيلي يريد استمرار التهدئة في قطاع غزة من خلال حركة حماس، وعدم الانجرار وراء مواجهة في الوقت الحاضر؛ بسبب إندلاع المعارك بين روسيا من جهة وأوكرانيا وحلفاءهم الإدارة الأمريكية ودول أوروبا الذين تسلحوا في القانون الدولي وفي معاقبة روسيا بمزيد من العقوبات والحصار الإقتصادي والسياسي بشكل شمولي تحت بند الاعتداء وإحتلال أراضي الغير وهي انتهاكات للقانون الدولي والأمم المتحدة، وبهذه العقوبات والحصار الإقتصادي أصبح هناك معاير مزدوجة للتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، لكل تلك التداعيات والأسباب تجد "إسرائيل" نفسها أسيرة الهدنة طويلة الأمد في قطاع غزة، وهو ما حدث بعد معركة سيف القدس؛ لذلك تلجأ "إسرائيل" إلى الإتصال مع الجانب المصري لتواصل مع الجهاد الإسلامي على التهدئة ونجاح ذلك مرهون بعوامل متعددة وفي مقدمة ذلك وقف الاقتحام للمدون والمخيمات الفلسطينية بما في ذلك مخيم جنين ومنع المستوطنين من إقتحام المسجد الأقصى المبارك.

2-حماس معنية في الحفاظ على الوضع القائم والتهدئة من أجل حرية الحركة عبر معبر رفح والسماح لقيادات حماس من حرية السفر والتنقل، إضافة إلى أن حماس تريد الإبقاء على قبضتها الأمنية المسيطرة على قطاع غزة ومقابل ذلك تقدم كل إمكانياتها لمنع التدهور الأمني مع الجانب الإسرائيلي، وتعتبر نفسها كيان مستقل ولا يشكل وجودها خطراً على الأمن الإسرائيلي على غرار حركة الجهاد الإسلامي، حيث تحولت حماس بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي والصف الأول من القيادات المؤسسة وخاصة الجناح العسكري، من مشروع مقاومة الإحتلال الإسرائيلي إلى كيان يمتلك السيطرة على قطاع غزة بدون منازع.

الجانب الرئيسي في المعادلة السياسية السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية واقتصادية الإحتلال العامل الوراثي للسلطة الفلسطينية في حال حدوث أي فراغ أمني وسياسي، وهذا السيناريو تريده "إسرائيل" من أجل تحويل الضفة إلى مشروع الإمارة السبعة كما طرح الجنرال الإسرائيلي وإسقاط حل الدولتين، الرئيس أبو مازن قد يقوم بقلب الطاولة على الجانب الإسرائيلي في خطوة إستباقية قد لا تكن في الحسابات المتوقعة لدى الكثير، ومنها المخرج الوحيد الوصول إلى التوافق الوطني الفلسطيني حتى يتم الإستفادة من التطورات الأخيرة، من خلال دعوة الرئيس أبو مازن القيادة الفلسطينية ممثلة في الأمناء العامين الفصائل الفلسطينية واللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني الفلسطيني والشخصيات الوطنية المستقلة للمشاركة في حوار شامل، يتم تحديد النقاط التوافقية في الساحة الفلسطينية على غرار للقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي حدث بدعوة من الرئيس أبو مازن مطلع شهر أيلول 2020 م والذي شارك الجميع بدون استثناء في رام الله وبيروت، وهذا اللقاء يؤدي نجاح الجهود التي تبذلها الجزائر الشقيق بعد إنتهاء الجولة الثنائية مع الفصائل الفلسطينية والشخصيات المستقلة، بلورة تلك الطروحات من خلال إجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية ضرورة وطنية لإنهاء الانقسام بشكل تلقائي قبل أن يطرء تطورات لم تكن في الحسابات المتوقعة.

عمران الخطيب [email protected]

البوابة 24