بقلم:شوقية عروق منصور
من الصور الجميلة في شهر رمضان رؤية موائد الافطار وهي ممدودة في البيوت وفي الساحات والحارات والأحياء الشعبية ، وحولها العشرات يتناولون الطعام بشهية مفتوحة ، عندها تشعر أن الحياة الاجتماعية ما زالت تحمل في طياتها أبجدية المحبة والجيرة والعلاقات الإنسانية ، هي ليست مجرد طبخات وأكلات وصحوناً وابتسامات عابرة ، هي رسائل تؤكد أن مشاعرنا ما زالت تنبض وتفتخر باقتران هذه اللحظات بالوجوه التي كانت بعيدة ولكن الآن تلتقي وتعاهد شهر رمضان أنها ما زالت على الوفاء .
لا نريد أن نكتب عن الموائد الرمضانية في الدول الأوروبية، أو عن الفقر والفقراء والمسلمين اللاجئين في الدول الغربية ، حيث التحدي يكون من خلال الصيام والـتأكيد على أنهم ما زالوا على قيد الشعائر الإسلامية، ولم يتنازلوا أو يتراجعوا عن الاحتفال والاهتمام بطقوس شهر مضان .
لكن أقصد هنا التعايش الفاتر بين شهر رمضان وجيش الاحتلال ، وقد رأينا الكثير من صور المعاناة في ملاحقة المصلين في المسجد الأقصى والمضايقات في كل مكان ولكن هناك موائد تشعر بها كأنها غريبة عن شهر رمضان .
خلال بث نشرة الأخبار من الفضائية الإسرائيلية أطل الطباخ اليهودي الذي يقدم الوجبات في شهر رمضان للجنود المسلمين في الجيش ؟ تأملت وجوه الجنود المسلمين من خلال الشريط الإخباري ، بعض الجنود قاموا بإخفاء وجوههم ، ولكن هناك من تكلم ومدح الوجبات التي تقدمها إدارة الجيش في شهر رمضان ، مدح الموائد العامرة بالطعام .
بصراحة حاولت أمسح صورة المائدة التي مدحها الجندي العربي، فقد حملت أقل من القليل، ولكن وقفت أمامي صورة شهر رمضان وجيش الاحتلال، كيف ؟
هذا هو السؤال الذي حضر وجلس أمامي وأخذ يضربني بسياطه ، لم يتركني ، وفي الليل ركض هذا السؤال حول المسجد الأقصى والحواجز والشوارع والطرقات ، وسال الصراخ مذعوراً من أكمام النساء اللواتي يهربن من مواجهة الجنود ويحاولن الدفاع عن أنفسهن بأيديهن المثقلة بالخوف .
نبتلع أقراص الاكتئاب وأقراص الصمت ونحاول تناول فيتامينات التعايش ، ولكن هذه الموائد الرمضانية الاحتلالية تضحكني إلى حد البكاء وإقامة حفل تأبين لمشاعر هؤلاء الجنود العرب والمسلمين الذين يخدمون في الجيش .
بينما كانت هذه التساؤلات تدور في رأسي رأست شريطاً على شاشة الهاتف يُظهر أحد الصبية الصغار وهو يسأل الجندي العربي في المسجد الأقصى كيف أنت عربي وفي الجيش الإسرائيلي ؟؟