بقلم: أ. د. خالد محمد صافي
تصريح رئيس الكنيست أمس تعليقا على العملية في مغتصبة العاد المقامة على قرية المزيرعة بأن للعيش ثمن في هذه البلاد يشير إلى حالة الخوف والرعب التي تسود الكيان الصهيوني الغاصب، والى الخوف من مستقبل هذا الكيان. وهذا لب وجوهر العمل المقاوم بأن يكون هذا العمل حالة اشتباك دائم لا يريح الطرف الغاصب، ولا يجعله يهنأ باغتصابه، بل هو تململ الضحية صراخا، ومقاومة لحالة الاغتصاب اليومي الذي يقوم به الغاصب لضحيته. وبالتالي يصبح العمل المقاوم حالة استنزاف لقوة العدو. وحالة إرباك لأجهزته. وتدمير لنزعة التفوق التي يعتمد عليها. فلا طائراته ولا دباباته ولا جيشة المدجج بالسلاح يمكن أن يقف أمام مقاوم ليس لديه ما يخسره. هي ضرب للأمن الذي يقوم عليه المشروع الصهيوني ويسعى لتوفيره. فدولة الكيان هي دولة جيش وأجهزة أمنية ومجتمع عسكري حتى لو كان بثياب مدنية. وقائم على عنصر التفوق وتحقيق الأمن لأفراد مجتمعه الفسيفسائي.
لذلك توجيه الضربات المتتالية من قبل المقاومين الفلسطينيين يربك العدو الصهيوني ويفقده أمنه، ويدفعه للتسائل عن ثمن العيش ومستقبل العيش في أرض شعب يقاوم، ولم يستسلم سواء فوق الأرض أو تحتها. فماذا أبقى الاحتلال للشعب الفلسطيني سوى المقاومة. فهو يرفض حتى حل الدولتين، ويرفض حتى أن تطالب سلطة أوسلو الهزيلة بأي مفاوضات سياسية. فرغم الاعتدالية التى وصلت إلى أقصى حدود الانهزامية من قبل قيادة أوسلو فلم يتم منحهم سوى موافقات لم شمل هي قمة انجازات القيادة في اجتماعاتها مع القيادة الإسرائيلية التي تطرح على السلطة معادلة الأمن الإسرائيلي مقابل موافقات لم الشمل وتصاريح العمال. فلم يعد هناك أي حديث عن مفاوضات سياسية مع الطرف الفلسطيني من قبل حكومة بينت اليمينية.
لذلك ماذا أبقت هذه الحكومة اليمينية أمام الشعب الفلسطيني سوى المقاومة. حكومة يمينية تقوم على مواصلة الاستيطان بقوة، وتهويد القدس، والاعتداء على الحرم القدسي الشريف تحت ذريعة حرية العبادة للجميع.
لذلك تأتي هذه العمليات المقاومة لتؤكد أن نهج الاستسلام والعزيمة لم يجلب اي إنجاز للشعب الفلسطيني وبالتالي لابد من العودة لنهج المقاومة لاستنزاف الكيان الصهيوني، وتكبيله ثمنا باهظا لاستمرار احتلاله، ورفضه لأي حلول سياسية بل ومحاولة الدفع باتجاه أن يكون الصراع دينيا وليس سياسيا. وأن الدفاع عن المعتقد ومقدساته ربما أكثر قوة من الدفاع عن الوطن، فكيف أن اجتمع الأثنين، المعتقد والوطن.
غزة
6/5/2022