عيد الأم في ذكرى الكرامة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: بسام صالح 


ما اجمل عودة الربيع، بعد شتاء قارس، واجمل ما في الربيع، هو الطبيعة التي تستيقظ من جديد، تتفتح الازهار فتمنح السهول والجبال الوانها الخلابة، واجمل ربيع فلسطيني كان انتصارا، وثورة قلبت مفاهيم وعقائد كانت سائدة حتى يوم الكرامة، يوم اعاد الفلسطيني الكرامة لأمة مهزومة عسكريا ونفسيا، واثبت للعالم ان ارادة حفنة من الرجال المؤمنين بحقهم وقضيتهم، وبسلاح متواضع قادرين على هزيمة الجيش الذي "لا يقهر" فقهروه وارغموه على التقهقر واذاقوه طعم الهزيمة فعاد ادراجه خائبا يحمل قتلاه وجرحاه. انها معركة الكرامة تلك القرية الصغيرة الحدودية، التي شهدت على هزيمة العدو المتغطرس، وشهدت على تعاون مشترك مع الجيش العربي الاردني بقيادة اللواء الشهيد مشهور حديثه، فدخلت التاريخ من اوسع ابوابه. 
تتناوب حركة الطبيعة بتناغم منقطع النظير، الليل والنهار، وفصول السنة شتاء يليه ربيع وربيع يليه صيف وصيف يليه خريف ليعود الشتاء من جديد، فصول العام لا تتناحر بل تتناغم فما ان تنتهي مدة الفصل ينحني مرحبا بالفصل القادم، كما الشمس تنحنى في غروبها فاسحة المجال لراحة الليل، الذي ينجلي مع استيقاظ الشمس من جديد، هي الحياة دواليك، وهذا ما تعلمه الغرب وتجاهله العرب، تبادل السلطة بسلاسة وسلام.
ربيعنا هذا العام حافل ليس فقط بالذكريات، بل برغبة قوية تنبع من دم الشهداء، بالاستقلال الوطني والتخلص من نير الاستعمار الصهيوني الذي طال امده وتمادى في عنجهينه وفاشيته، ضد ابناء شعبنا فطال الحجر والشجر، في محاولاته البائسة لابادة شعبنا، ولكن الاسطورة التي سطرها ابطال الفتح في الكرامة وجنين والقدس وغزة وكفر قدوم وسلوان وفي كل شبر من الارض الفلسطينية المحتلة، اثبتت للقاصي والداني ان ارادة شعبنا لا تلين ولا تهون، وان القيادة الوطنية الفلسطينية المتمسكة بثوابت شعبنا في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير وعودة اللاجئين، التي تمكنت من اسقاط ما سمي بصفقة العصر الترامبية، ورفضت الاملاءات الخارجية التي تمس الثوابت الفلسطينية، تخوض اليوم معركة تثبيت الديموقراطية في النظام السياسي الفلسطيني، بالسير قدما بجدول الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني، هذا الاستحقاق الوطني، الذي تحاول بعض ابواق الدعاية المضلله اغراقه بالاشاعات والاكاذيب والاخبار المفبركة والمصنعة في دوائر الاستخبارات الصهيونية واذنابها هنا وهناك، لن تثني مسيرة الانتخابات ولن تثني القيادة التي اقرتها، ونحن مازلنا في فصل الربيع وكلنا امل وثقة بان الاشجار التي ارتوت من الارض المخضبة بدماء الشهداء ستعطي ثمارها بمجلس تشريعي قادر على تسيير امور الناس العاديين، بعيدا عن مظاهر التعالي والفخفخة والبذخ، بل ممثليين حقيقيين لشعب مناضل مازال يخوض معركة التحرر الوطني، تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا. 
في ربيع  الكرامة وربيع الأم الفلسطينية المناضلة، مربية الابطال ومعلمة النضال والصمود والتضحية، أم الشهيد/ة وأم الجريح/ة وأم الاسير/ة امامك ايتها الأم الفلسطينية الصابرة المناضلة مربية الاجيال تنحني القامات اجلالا واكبارا لمهمتك الصعبة والشاقة في التربية الوطنية وتعزيز الصمود على ارض الوطن. 
في عيد ألأم، وكل يوم وساعة وثانية هو عيد للأم الفلسطينية المناضلة، انت سيدة الارض وسيدة في السماء تقبلي اليوم وكل يوم من ابنائك عهدا وقسما بالوفاء.

 

البوابة 24