البوابة 24

البوابة 24

الفارق بين الأمل والعمل

الهوة بين الأمل والعمل

محمد زهدي شاهين

قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الشريف: إن العاقل من اعتمد على عمله، والجاهل من اعتمد على أمله. إن المقصود بالأمل هنا هو الاتكالية وتثبيط الهمم، لا التطلعات والأمال التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها من خلال العمل الجاد والدؤوب. نرى اليوم بأن هناك الكثير من المشايخ الكرام، قد اوهموا الناس بالنصر المؤزر والمبين دون الأخذ بأسباب النصر الموضوعية، وعندما حانت اللحظة بعد طول أمل وانتظار نكصوا على اعقابهم، قائلين نحن قلنا كذا وكذا ولم نطلب منكم أيها الناس تصديق ما نقول.

يقول تعالى في كتابه المبين بعد بسم الله الرحمن الرحيم: (وَقَالَ ٱلشَّيْطَٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلْأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى ۖ فَلَا تَلُومُونِى وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُم ۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُم بِمُصْرِخِىَّ ۖ إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)... ويقول ايضاً: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) صدق الله العلي العظيم.

إذن هذه هي القوة الحقيقية التي تتضمن اسباب النصر المعنوية، في قوة الإيمان والمعتقد، والاسباب المادية في اعداد العدة والعتاد، فلا يفل الحديد إلا الحديد، نعم هذه هي قوة اعتماد الأمة على العمل، لا الركون إلى الأمل والانتظار. لهذا يتوجب علينا أن لا نكون اتكاليين حتى وإن كان على الله سبحانه وتعالى، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الله عز وجل هو من أمرنا بتجهيز أنفسنا وتحضير العدة والعتاد.

لهذا السبب نجد بأن هناك هوة كبيرة ومتسعة جداً بين الأمل والعمل. وهنا يتبادر في ذهن المرء السؤال التالي: من هي الدولة الإسلامية التي التزمت بالتوجيه والارشاد الإلهي، واعدت القوة بشقيها المادي والمعنوي من اجل المواجهة الحتمية؟ والمواجهة يا سادة يا كرام ليست متوقفة على دولة الاحتلال دون سواها، بل مع محور الشر المطلق برمته. فهل هذه الدولة يا ترى قائمة، أم بأننا ننتظر الطير الابابيل لتقوم بالمهمة الموكلة بنا عوضاً عنا..

البوابة 24