بقلم: هادي الاحمد
عربي هو اسم لفتى ( عربي ) من بلاد العروبة الواسعة ، وصل منهكا تعبا الى غرفة نومه الصغيرة في بيت اهله البسيط ، في تلك القرية الوادعة وغط في نوم عميق ، اثناء النوم بدأ يحلم وغاص رويدا رويدا في حلمه ، وهذه بدايته :
يعيش في بيت فيه كل ملذات الحياة هو قطعة من الجنة الدنيوية التي يعرفها علية القوم وأغنيائه ، حتى حلاوة النساء توفرت فيه زوجة مثل القمر في كل صفاتها ربما وعلى الاغلب هي احدى ورود الجوري الابيض التابعة لحديقة هذا البيت، هي كذلك بلا شك ولا ريبة ،مطيعة طيبة هانئة متفهمة كل صباح تلمس شعر عربي الاملس بحنية يحس بها ليستفيق على صورة وردة من احلى الورود ، يفتح عيناه على صورة بديعة لمعنى الانثى الصحيح ، ينهض من سريره الى ذلك ( التواليت ) الفخم يأخذ حماما ويمشي مع عروسته وزوجته الباسمة حيث الحديقة وصوت العصافير وعطر الورود الفواح، يودعها الى عمله يعمل باجتهاد بكد بتعب، يعود مع بداية المساء وابتسامة زوجته امامه واستقبالها اللطيف ، حياة في غاية الروعة والاناقة والفخامة، ويمشي الحلم عميقا يشهد نجاح عربي تفوقه بفضل التزامه الادبي ونمط حياته المنتظم ، يفكر ويقرر مكافئة الزوجة الطيبة لكن بماذا؟ بعقد الماسي نادر يزين جسدها الانثوي ، تفرح تزداد انبساطا وسعادة ، وتستمر وتيرة الحياة حلوة المذاق ، يرزقان بطفل منحاه خير الاسماء ( محمد ) ليكون على اسم رسول الهدى والبشرية رسول الامان والسلام رسول النقاء ( محمد صلى الله عليه وسلم) ، يتبادل الابوان ادوار العناية بالمولود كلا حسب استطاعته ومعرفته، وتستمر رحلة الحياة لهذه العائلة السعيدة تجري كنهر الماء العذب عطاءا ايجابيا ، حتى تبدأ المنغصات تطغى على مجرياتها نمطها المعهود ويبدأ التغير تبدأ الخلافات والاوجاع والهموم ، في جلسة عائلية تسأل الزوجة زوجها : قل لي يا عربي عن انقلاب الحال والاحوال؟ عن التغير المشهود في وضع العائلة ؟ من حقي أن اعرف انا شريكة حياتك ؟ لن يفهمك ويحس بك غيري؟ عربي وبدايةعصبية لكن ذكرى حنية زوجته يعطيه الهدوء ويقول مجيبا: ابناء السوق ونفاق الناس تعلمت الحياة خطا مستقيما ، لم أعرف انها ومسارها يقبلان الانحراف بفعل سلوك الناس ، منافسات كصراع الغابة المعتمة حيث لا تفكير الا بالفوز للقوي وبأي أسلوب كان ؟ عملي شغلي يضيع وكل الابواب باتت مقفلة في وجهي ؟ ماذا أفعل قولي لي اجيبيني يا شريكة العمر كله ؟ ترد الزوجة: شيئا واحدا في الشدة كما في الرخاء ابقى مع الله سبحانه وفي طريقه النبيل ، هو امتحان الحياة الوفيرة الرغدة ؟ لكن الانسان لديه عقل سليم ، كل الحياة تتغير يعيش الانسان ثم لرحلته في الحياة نهاية هذه الحقيقة وغير ذلك هو السراب والوهم ، الفقر وان سيصيبنا كعائلة هو قدر ربما صعب بعد الرفاهية لكنه مكتوب ، يسر عربي من البلسم في كلام زوجته ويقرر المضي في التحمل في الصبر لاجل ماذا؟ لاجل رد الجميل الى هذه الزوجة فقد اثبتت بأنها احلى واجمل ورود الحديقة المنزلية التي تستحق البقاء بأبهى طلة ومنظر بديع ، يمر الزمن يكبر الطفل محمد وتتحسن احوال العائلة تبدأ العودة الى زمانها الاول وسيرة حياتها الاولى ، بعد حبات العرق وصبر الزوجة الطيبة التي تاجرت بماذا بعائلة بزوج وفي شديد الاخلاص فكان لها اسمها زهرة العائلة ذات الرداء الابيض، لانها اعطت بحكمة عقلها اروع صورة للعطاء وللتجارة الرابحة ؟ لم تهرب ولم تسمع كلام الحساد المغرظين؟ بل سمعت فقط صوت وردة الجوري البيضاء التي استحقت عن جدارة اسمها وثوبها الحلو الجميل ، لقد أسرت زوجها في طينة الوفاء في طينة المنح وليس الاخذ فقط فهي الحياة حقوقا وواجبات وتكامل بين صفتي الاخذ والعطاء، ليسير قطارها حتى في أشد ايامها ظلمة وامواج متلاطمة عاتية . ويستفيق عربي على صوت قوي لباب غرفته نتيجة الهواء القادم من شباكها بعد ان فتحته امه لتقول له يا عربي صاحب الورشة يستعجلك هلكنا من كثر الصياح وعربي يقول بعد ان لملم نفسه بعد ليلة شهدت حلمه العميق ، حتى حلمي الجميل قد سرق مني ياه البسيط ملهوش دنيا ؟ حتى الحلم ممنوع علينا ومش لينا ؟ يا قلبي لا تحزن وان حزنت لا فيه دواء ولا قادر تروح لطبيب ؟؟ كان حلم عمري وكان وكان وكان ؟؟؟ حلما لشاب عربي هو للعروبة قلبا نابضا لكن عولمة اليوم وحضارة الوقت الحالي قتلت حلمه مسحته حتى من ذاكرة نومه ألغته من قاموس اّماله طموحاته لمحات التفاؤل داخله، فهو البسيط حد السذاجة في عالم مادي بحت لا ريحم ، جعلت حلمه صور البؤساء اليومية ومعهم المشردين في غياهب البحار العميقة بحثا عن طوقا للنجاة بعد ان صارت بلاد العروبة والعرب ظعيفة ممزقة يصعب نسج اوجاعها اجزائها المبعثرة ! ياه ويبقى للحلم بقية دمعة يصعب على عربي ذرفها وهو ذالك الشرقي رجولة كاملة وليس ذكورة اليوم الغربية المستوردة ، التي صارت سيدة وقلبت احلام الامس الى واقع ! عاد عربي الى ورشته حيث تعب اليوم ونهاره الذي لا ينتهي وهو يهمس في نفسه مرددا : ظاع الشباب الا ليت أيام الشباب تعود ، لاكون ربما سأكون يوما .؟؟ او قد لا أكون .