فتح في بيروت..

 بقلم/ د. مازن صافي*
 
وأنا أشاهد قيادات حركة فتح، وهي تلتقي في بيروت عاصمة الدولة اللبنانية، ولبيروت في ذاكرتنا الحنين والبطولة وكثير من الوجع، بيروت المعالم والذكريات، المخاطر والتحديات، بيروت التي صمدت، هي القدس، وغزة، وجنين وكل الوطن والشتات. لماذا بيروت اليوم؟ فتح في بيروت.
قبل أربعين عاماً وفي بيروت، أقيم الاستعراض الكبير لجميع وحدات المقاومة الفلسطينية، وقد افتتح الاستعراض بموكب ضم الآلاف من الأشبال والفتيان والفتيات والزهرات وهم يحملون نموذجا خشبيا "لقبة الصخرة المشرفة". تقدم الموكب طفلا صغيرا في الرابعة والنصف من عمره حامل العلم الفلسطيني، وقد كست الجدية وجهه البريء. نذكر أن أزيز الطائرات الإسرائيلية كان تزوم فوق الرؤوس في محاولة للانقضاض على العرض لتفريقه، لكن العرض استمر في مسيرته حتى النهاية، لكن طبول الحرب كانت تقرع بقوة وكان الاستعراض الأخير. شكرا بيروت لكل سنوات الصمود معنا وكتابة التاريخ الذي يجب أن نستعيده مرة تلو الأخرى، كي تبقى كل الحكايات شاهدة على كل المراحل وصولا إلى الوطن فلسطين.
هل ذاك الطفل يشهد لقاء اليوم في بيروت، أم أن دماءه قد روت التراب اللبناني ودفن في مقبرة الشهداء المنزرعين في قلوبنا وعقولنا وثورتنا المجيدة. شكرا لكل من فكر في أن تجتمع "فتح" في لبنان.
كثيرة هي العراقيل التي توضع أمام حركة فتح لعقد مؤتمراتها، منذ الشتات وحتى السابع، والهدف هو إجهاض المشروع الوطني الفلسطيني، والالتفاف على حركة فتح، لكن فتح تتجاوز كل تلك المخاطر وتحولها لفرص حقيقية تستعيد فيها قوتها وعنفوانها وقدرتها على التجديد والخروج بالبيان السياسي الوطني الفتحاوي الذي يؤكد على أن القدس عاصمة دولة فلسطين وأن إدارة الصراع مع الاحتلال عنوانها "الصدام والاشتباك"، وهذا الصدام يعيد دائما القاطرة للبدايات، أنه لا أمن ولا استقرار في الوطن إلا بإنهاء الاحتلال وزواله وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
أعتقد أن كل من جلس في افتتاح الورشة التنظيمية الفتحاوية، يعرف كل التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن نفكر فيها ونتساءل عنها، سواء على مستوى الوطن أو الشتات أو حتى على مستوى حركة فتح وكل هذه الجزئيات الحركية تسكن في الشعب التنظيمية مرورا بالمناطق ثم الأقاليم ثم المكاتب الحركية ولنقل كل الأطر التي هي جزء أصيل من مكونات المؤتمر الحركي العام. ولهذا فإن أولوية الورشة اليوم هي أن تتجاوز كل العقبات التي تحول دون عقد المؤتمر الحركي العام الثامن، وأن تصطدم مع الاحتلال لكي تفشل مخططاته في عدم انعقاد المؤتمر، فورشة العمل تخبرنا أن فتح بخير، وأننا مقبلون على مرحلة جديدة وبيان سياسي جديد، وبل إفشال كل من يراهن على غير ذلك، وبل سوف تعبر كل الممرات الإجبارية، التي كانت وجهتها دائما "القدس"، واليوم في بيروت لازالت وستبقى وجهتنا الأبدية هي "القدس" وسوف نتجاوز المشككين والعقبات وتبقى فتح قوية وقادرة على أن تكتب الحكاية من جديد عنوانها "ثورة حتى النصر".
 
د. مازن صافي*/ عضو إقليم سابق، وعضو مكتب حركي مركزي للصيادلة حاليا
البوابة 24